وأنت خبير بأن المسألة خالية من النص الدال على ذلك نفيا وإثباتا ، إلا انه يمكن الاستدلال على القول المشهور بأنه لا ريب ان الوضوء المذكور رافع للحدث. ومن حكم الوضوء الرافع أن لا يزول رفعه إلا بأحد النواقض ، وزوال الضرورة ليس من جملتها ، فيجب استصحاب الحكم إلى ان يحصل أحد النواقض المقررة. وفيه ان الاستصحاب المقطوع بحجيته ـ كما تقدم تحقيقه ـ هو ما إذا دل الدليل على ثبوت الحكم مطلقا ، بمعنى عدم الاختصاص بوقت مخصوص أو حالة مخصوصة ، فإنه يجب البقاء على مقتضى ما دل عليه حتى يثبت الرافع ، كالحكم باستمرار الطهارة والنجاسة فيما علما فيه وصحة البيوع والأنكحة ونحو ذلك بعد وقوع العقد الصحيح حتى يثبت الرافع ، اما إذا كانت دلالته مخصوصة بحالة معينة أو زمان مخصوص فاجراؤها في الحالة الثانية والزمان الآخر يتوقف على الدليل. وأنت خبير بان ما نحن فيه انما هو من قبيل الثاني ، فإن الدليل الدال على صحة هذا الوضوء ورفعه انما دل باعتبار حال الضرورة وعدم التمكن من المسح الواجب أو الغسل الواجب مثلا كما هو المفروض ، فعند زوال تلك الحال وتجدد حال أخرى مغايرة لها يحتاج في إجراء الحكم في الحالة الأخرى إلى دليل وليس فليس. ولعل في تشبيه الشيخ له بالتيمم ـ حيث نقل عنه انه علل ذلك بأنها طهارة ضرورية فتتقدر بقدر الضرورة كالتيمم ـ إشارة إلى ذلك ، فان وجه المشابهة ظاهر ، فان الماسح على حائل من خف أو جبيرة والمتيمم شريكان في ترك العضو الممسوح وكون الترك فيهما لعذر شرعي ، فتزول الرخصة فيهما بزواله ، وحينئذ فكما ان المتيمم ينتقض تيممه ولو في الصلاة بزوال الحالة الموجبة له لعدم اقتضاء دليله الاستمرار في جميع الأحوال على الأصح ، كذلك هذا المتوضئ ينتقض وضوؤه بزوال الحالة الموجبة له لعين ما ذكر.
قال بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين : «ويتفرع على ذلك انه لو زال العذر في المسح على الحائل قبل كمال الوضوء أو بعده وقبل الجفاف والدخول في