أقول : وقد نقل القول بذلك في المعتبر عن الشافعي وأبي حنيفة وأحمد ، ونقل من رواياتهم في ذلك ما رواه عن ابن عمر (١) انه قال : «توضأ رسول الله (صلىاللهعليهوآله) مرة مرة وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ، ثم توضأ مرتين وقال : من ضاعف وضوءه ضاعف الله له الأجر ، ثم توضأ ثالثة وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي».
ثم لا يخفى عليك أن ما ذكره من الحمل وإن كان لا بأس به بحسب الظاهر ، إلا أنه مما لا تجتمع عليه روايات المسألة كملا ، لما عرفت في قصتي داود بن زربي وعلي بن يقطين ورواية بصائر الدرجات (٢) من أن التقية انما كانت في الغسلات الثلاث وانهم (عليهمالسلام) أمروا داود وعلي بن يقطين بعد زوال المحذور بالتثنية ، وقد تضمن صدر رواية داود تعليل الأمر بإضافة الرسول (صلىاللهعليهوآله) الثانية بأنها لضعف
__________________
مالك المرة أو الثلاث ، وعند الأوزاعي الوضوء ثلاثا إلا غسل الرجلين فإنه ينقيهما ويجوز غسل بعضها مرة وبعضها أكثر» وفي فتح الباري لابن حجر ج ١ ص ١٦٦ «من الغريب ما عن بعض العلماء من عدم جواز النقص عن الثلاث لمخالفته الإجماع ، وقول مالك في المدونة ـ : لا أحب الواحدة ـ ليس فيه إيجاب الزيادة عليها» وفي شرح النووي على صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري ج ٢ ص ٢١٣ «اجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة وعلى أن الثلاث سنة ، وجاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة وثلاثا وبعضها مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثا ، واختلافها دليل الجواز وان الثلاث كمال والواحدة تجزؤ ، وعلى هذا يحمل اختلاف الأحاديث».
(١) في سنن البيهقي ج ١ ص ٨٠ عن معاوية بن قرة عن ابن عمر قال : «دعا النبي (ص) بماء فتوضأ واحدة واحدة فقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ، ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين وقال : هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين ، ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي».
(٢) في الصحيفة ٣٢٦ و ٣٢٧.