إلى آخره هو عين ما نقله الصدوق عن والده (قدسسرهما) وهو مؤيد لما صرحنا به في تتمة المقدمة الثانية من مقدمات الكتاب من اعتماد الصدوقين على الأخذ من الكتاب المذكور ونقلهما عبائره بعينها ، ويزيده تأييدا ان صدر عبارة الكتاب المذكور إلى قوله «فان فرغت» وان لم ينقله في الفقيه لكن نقله في الذكرى عن علي بن بابويه متصلا بما نقله في الفقيه ، وبذلك يظهر لك ان ما ذكره في الذكرى بعد نقل كلام علي بن بابويه المتقدم ـ من انه لعله عول على ما رواه حريز عن أبي عبد الله (عليهالسلام) (١) كما أسنده ولده في كتاب مدينة العلم ، وفي التهذيب وقفه على حريز ، قال : «قلت : ان جف الأول من الوضوء قبل ان اغسل الذي يليه؟ قال : جف أو لم يجف اغسل ما بقي ...». ـ ليس على ما ظنه (قدسسره) بل انما عول على ما قدمنا ذكره ، وهذه الرواية حملها في التهذيب على الجفاف بالريح الشديدة والحر العظيم أو التقية ، والأخير أقرب كما ذكره في البحار ، لأن في تمام الخبر «قلت : وكذلك غسل الجنابة؟ قال : هو بتلك المنزلة ، وابدأ بالرأس ثم أفض على سائر جسدك. قلت : وان كان بعض يوم؟ قال : نعم» إذ ظاهره هنا المساواة بين الوضوء والغسل ، فكما ان الغسل لا يعتبر فيه الريح الشديدة والحر كذلك الوضوء.
واستدل القائلون بالقول الثاني بوجوه نذكر ما هو أمتنها دلالة عندهم :
(فمنها) ـ قوله (عليهالسلام) في صحيح زرارة (٢) : «تابع بين الوضوء كما قال الله تعالى : ابدأ بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ...». وقوله في رواية حكم ابن حكيم (٣) : «ان الوضوء يتبع بعضه بعضا». وقوله (عليهالسلام) في حسنة الحلبي (٤) : «... اتبع وضوءك بعضه بعضا».
__________________
(١) رواه صاحب الوسائل في الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء ، وفي الباب ٢٩ و ٤١ من أبواب الجنابة.
(٢) المروي في الوسائل في الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الوضوء.
(٣) المروية في الوسائل في الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الوضوء.
(٤) المروية في الوسائل في الباب ـ ٣٣ و ٣٥ ـ من أبواب الوضوء.