ومما يؤيد هذا المقام ـ ويدخل في سلك هذا النظام وان طال به زمام الكلام ، إلا ان فيه ـ زيادة على ما ذكرنا ـ نشر فضيلة من فضائله (عليهالسلام) ـ ما رواه جملة من مشايخنا عطر الله مراقدهم عن الشيخ (قدسسره) في كتاب الأمالي (١) بسنده فيه عن أبي موسى بن عبد العزيز ، قال : «لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد ، فاستوقفني وقال لي : بحق نبيك ودينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟ من هو من أصحاب نبيكم؟ قلت : ليس هو من أصحابه ، هو ابن بنته ، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال : له عندي حديث طريف. فقلت : حدثني به. فقال : وجه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل فصرت اليه ، فقال لي : تعال معي ، فمضى وانا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي ، فوجدناه زائل العقل منكبا على وسادة ، وإذا بين يديه طشت فيه حشو جوفه ، وكان الرشيد استحضره من الكوفة ، فاقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى ، فقال له : ويحك ما خبره؟ فقال : أخبرك انه كان من ساعة جالسا وحوله ندماؤه وهو من أصح الناس جسما وأطيبهم نفسا ، إذ جرى ذكر الحسين ابن علي (عليهماالسلام) قال يوحنا : هذا الذي سألتك عنه. فقال موسى : ان الرافضة لتغلوا فيه حتى انهم ـ فيما عرفت ـ يجعلون تربته دواء يتداوون به. فقال له رجل من بني هاشم كان حاضرا : قد كانت بي علة غليظة فتعالجت لها بكل علاج فما نفعني حتى وصف لي ان آخذ من هذه التربة ، فأخذتها فنفعني الله بها وزال عني ما كنت أجده. قال : فبقي عندك منها شيء؟ قال : نعم. فوجه فجاء بقطعة منها فناولها موسى بن عيسى ، فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن يتداوى بها ، واحتقارا وتصغيرا لهذا الرجل الذي هذه تربته ، يعني الحسين (عليهالسلام) فما هو إلا ان استدخلها دبره حتى صاح : النار النار ، الطشت الطشت ، فجئناه بالطشت فاخرج فيه
__________________
(١) في الصحيفة ٢٠٢.