ذلك الفرد الأفضل ، ومنافاة المستحب المواجب واضحة. وأجيب عنه بان الوجوب التخييري لا ينافي الاستحباب العيني ، لأن متعلق الوجوب في التخييري ليس امرا معينا بل الأمر الكلي. فتعلق الاستحباب بواحد منهما لا محذور فيه. وفيه نظر ، فإنه ان أريد بالاستحباب هنا المعنى العرفي ـ وهو الراجح الذي يجوز تركه لا إلى بدل ـ لم يمكن تعلقه بشيء من افراد الواجب التخييري ، وان أريد به كون أحد الفردين الواجبين أكثر ثوابا من الآخر فلا امتناع فيه كما هو ظاهر» انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول : ما ذكره (قدسسره) من النظر يمكن الجواب عنه بالتزام الشق الأول من الترديد ، قوله : انه هو الراجح الذي يجوز تركه لا إلى بدل ، وما هنا إنما يجوز تركه مع الإتيان بمبدله ، قلنا : الاستحباب هنا إنما تعلق بالفرد الكامل من افراد ذلك الواجب المخير ، وهو من حيث اتصافه بصفة الكمال يجوز تركه لا إلى بدل ، إذ لا يقوم مقامه في الكمال غيره من تلك الافراد ، واتصاف تلك الأفراد الباقية بالبدلية عنه إنما هو من حيث أصل الوجوب ، بمعنى ان كلا منها بدل عنه في الوجوب لا في الاستحباب والكمال ، غاية الأمر ان ذلك الفرد الكامل متصف بالوجوب والاستحباب باعتبارين ، فإنه باعتبار كونه أحد أفراد الواجب المخير ولا يجوز تركه لا إلى بدل يكون متصفا بالوجوب ، وباعتبار الخصوصية الكمالية التي لا توجد إلا فيه فيجوز تركه لا إلى بدل يكون مستحبا.
ويمكن الجواب أيضا باختيار الشق الثاني وان كان فيه خروج عن المعنى المصطلح إلا انه لا محذور فيه ، فقد صرح به جملة من أجلاء الأصحاب : منهم ـ جده (قدسسره) في روض الجنان.
وأجاب بعض فضلاء متأخري المتأخرين بأن الوجوب هنا إنما هو صفة الطبيعة ، وكون خصوص فرد منها مستحبا لا خفاء في صحته ، قال : «وما عرض له من الشبهة ـ من انه لا يجوز تركه لا إلى بدل فكيف يكون مستحبا؟ ـ فمندفع بان التحقيق ان