وحينئذ فإذا كانت النصوص عنهم (عليهمالسلام) بلغت هذا المبلغ في الأمر بمخالفتهم فالواجب هو طرح هذه الاخبار من البين لظهور موافقتها لهم برأي العين ، وبالجملة فأخبار هذا القول وان كثرت فمنها ما هو غير صريح بل ولا ظاهر في المدعى كما عرفت ومنها ما هو صريح ويتعين حمله على التقية.
واما ما صار اليه بعض من حمل اخبار القول المشهور على الاستحباب فليس بالوجه الوجيه لما ذكرنا من التنبيه والتوجيه ، ويزيد ذلك بيانا في رد هذا الحمل المذكور وبيان ما فيه من القصور استفاضة الأخبار الدالة على أفضلية أول الوقت (١) والاخبار الدالة على النهي عن تأخير المغرب طلبا لفضلها (٢) ولو كان مجرد توارى القرص عن النظر هو الوقت الشرعي لها كان الأفضل هو المسارعة بها في ذلك الوقت عملا بالأخبار الاولى وكان تأخيرها طلبا لفضلها موجبا للدخول تحت النهي في الاخبار الثانية.
والعجب منهم (رضوان الله عليهم) حيث الغوا العمل بالقواعد المنصوصة عن الأئمة (عليهمالسلام) في مقام اختلاف الاخبار واستنبطوا لأنفسهم قواعد بنوا عليها بمجرد الاعتبار ، وخبر محمد بن يحيى الخثعمي المذكور قد ورد نحوه من طريق المخالفين كما نقله شيخنا صاحب البحار (قدسسره) (٣) حيث رووا عن جابر وغيره قال : «كنا نصلي المغرب مع النبي (صلىاللهعليهوآله) ثم نخرج نتناضل حتى ندخل بيوت بني سلمة فننظر الى مواضع النبل من الاسفار». وفيه تأييد لما ذكرنا من الحمل على التقية.
وبما حققناه في المقام وكشفنا عنه نقاب الإبهام يظهر لك ما في كلام جملة من متأخري المتأخرين الاعلام :
منهم ـ السيد السند في المدارك حيث ان ظاهره الميل الى القول بما قدمنا نقله عن الصدوق والمرتضى وغيرهما ، فإنه قال بعد نقل أدلة المسألة ومنها الصحاح التي ذكرها كما قدمنا نقله فيه
__________________
(١) ص ٩٠.
(٢) الوسائل الباب ١٨ من المواقيت.
(٣) ج ١٨ الصلاة ص ٦٠.