الصحيحتين المذكورتين مردود بما قدمنا تحقيقه من عدم ظهورهما في الدلالة ، ولا يخفى على المتأمل في ما قدمناه من الأخبار ظهور دلالتها على ان التأخير عن غيبوبة الشفق انما هو في مقام العذر كالسفر والحوائج ونحوهما ، ومنها صحيحة علي بن يقطين التي ذكرها فإنها دلت على نفي البأس في السفر المؤذن بثبوته في الحضر كما أشار إليه ذيل الخبر المذكور وقوله في موثقة جميل بعد قول السائل : يصلي المغرب بعد سقوط الشفق؟ «لعلة لا بأس» ونحوهما غيرهما مما تقدم.
و (ثانيا) ـ ان ما استدل به على الحكم الثاني من قول ابي جعفر (عليهالسلام) في صحيحة زرارة «ففي ما بين زوال الشمس. الى آخره» فقد اعترضه الفاضل الخراساني في الذخيرة ـ مع انه من التابعين له في هذه المسألة وغيرها غالبا ـ بما صورته : وفيه نظر لانه لا يمكن حمل الخبر على ان مجموع الوقت وقت لمجموع الصلوات الأربع إلا بارتكاب التخصيص وليس الحمل على ان المجموع وقت للمجموع ولو على سبيل التوزيع أبعد منه. انتهى.
و (ثالثا) ـ ان ما استدل به على الحكم الثالث من صحيحة عبد الله بن سنان فإنه محل نظر كما سيظهر لك ان شاء الله تعالى.
وينبغي ان يعلم أولا ان الاخبار الدالة على هذا القول ليست منحصرة في الصحيحة التي ذكرها كما ربما يتوهم بل هنا أخبار عديدة إلا انها مشتركة في ضعف السند باصطلاحه ، ولعله لهذه العلة اقتصر على هذه الرواية لصحة سندها أو انه لم يطلع على تلك الاخبار وقت التأليف وإلا لعدها من المؤيدات كما هي قاعدته في غير موضع ولعله الأقرب.
ومن الاخبار المشار إليها رواية عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ١٠ من المواقيت.