التأويل في تلك الاخبار مع ما هي عليه من الصحة والصراحة والاستفاضة؟
و (ثانيا) ـ انه من القواعد المقررة في كلام أهل العصمة (عليهمالسلام) ـ وان كان أصحابنا (رضوان الله عليهم) قد أعرضوا عنها واطرحوها كما أوضحناه في غير موضع مما تقدم ، واتخذوا لهم قواعد في هذه الأبواب لم يرد بها سنة ولا كتاب من حمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب ـ هو انه مع اختلاف الاخبار تعرض على كتاب الله عزوجل ويؤخذ بما وافقه ويضرب ما خالفه عرض الحائط (١) وقد عرفت تأيد الأخبار الأولة بتلك الآية الشريفة ، وحينئذ فمقتضى القاعدة المذكورة وان كانت بينهم مهجورة هو العمل بتلك الاخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار
و (ثالثا) ـ ما في هذه الروايات من تطرق الطعن إليها عند النظر بعين التحقيق والتأمل بالفكر الصائب الدقيق :
فاما صحيحة عبد الله بن سنان ورواية أبي بصير فباشتمالهما على ما لا يقول به الأصحاب وهو ايضا خلاف ما استفاضت به الاخبار من المنع من قضاء الفريضة في ذلك الوقت ، وقد تقدم الكلام في ذلك قريبا في المسألة السابعة من مسائل المقصد المتقدم ، وبينا ان الشيخ (قدسسره) قد حمل هذه الاخبار على التقية لذلك ولاشتمالها ايضا على امتداد وقت العشاءين الى طلوع الفجر وهو قول العامة وان تبعهم من أصحابنا من تبعهم ، وقد تقدم تحقيق ذلك في مسألة بيان آخر وقت المغرب منقحا موضحا ، ومن ذلك يظهر لك عدم جواز الاستناد إليهما والاعتماد عليهما. على ان صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة قد دلت في هذه الصورة على الأمر بتقديم المغرب والعشاء على الغداة وانه ان خشي ان تفوته الغداة مع تقديمهما معا قدم المغرب وانه انما يصلى الغداة متقدمة عليهما إذا خشي فواتها ، فهل يعارض هذا التفصيل الواضح في هذه الصحيحة المؤيدة بما عرفت الواقع كله بلفظ الأمر الدال على الوجوب عندهم بمثل هاتين الروايتين المتهافتتين
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٩ من صفات القاضي.