بين المشرق والمغرب في الوقت والأصل عدمه. (الثاني) ـ انا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا لأن قوله (عليهالسلام) «ما بين المشرق والمغرب قبلة». ليس مخصصا للحديث الدال على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى الى غير القبلة إذ أقصى ما يدل عليه ان ما بين المشرق والمغرب قبلة ، بل لقائل أن يقول ان قوله : «إذا صليت وأنت على غير القبلة» يتناول لفظ القبلة فيه ما بين المشرق والمغرب ايضا. انتهى.
أقول : لا يخفى ما فيه ، اما الاستناد الى الأصل كما ذكره فمعارض بأن الأصل شغل الذمة بالعبادة وهذا أصل متيقن لا مناص عنه فلا يحكم ببراءة الذمة إلا بيقين مثله والاخبار هنا متعارضة كما عرفت والوقت باق والخطاب متوجه فلا يتيقن براءة الذمة إلا بالإعادة في الوقت. وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ولا يتطرق إليه الإيراد من خلفه ولا من بين يديه. واما منع التخصيص فلا يخفى ما فيه فاني لا اعرف لكلامه هنا وجه استقامة ولعل النسخة التي عندي لا تخلو من غلط ، ووجه الاشكال كما ذكرنا زيادة على ما قدمنا ان صحيحة معاوية المشار إليها قد دلت على ان من صلى بظن القبلة ثم تبين انحرافه الى ما بين اليمين والشمال فقد صحت صلاته لان ما بين المشرق والمغرب قبلة ، وتبين الانحراف عن القبلة أعم من ان يكون في الوقت أو خارجه فيمكن تقييد هذا العموم بما فصلته تلك الأخبار من ان من صلى الى غير القبلة ثم تبين ذلك فان كان في الوقت أعاد وان كان خارج الوقت فلا اعادة عليه بان يحمل على تبين الانحراف بعد خروج الوقت ، وحينئذ فتجب الإعادة في الوقت وان كان فيما بين اليمين واليسار. وهذا ايضا بحمد الله سبحانه ظاهر لا مرية فيه.
وبالجملة فإني لا اعرف لهم دليلا على ما ذكروه زيادة على الإجماع المدعى في تلك المسألة. نعم قوله في صحيحة معاوية «ثم ينظر بعد ما فرغ» ربما أشعر بكون ظهور الانحراف في الوقت بالحمل على البعدية القريبة كما هو المتبادر. هذا أقصى ما يمكن ان