أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء ثم أتاه حين طلوع الفجر فأمره فصلى الصبح ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلى الظهر ثم أتاه حين زاد من الظل قامتان فأمره فصلى العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء ثم أتاه حين نور الصبح فأمره فصلى الصبح ثم قال ما بينهما وقت». ونحو هذه الرواية غيرها ايضا ، والظاهر ان وضع هذه الأوقات في أول الأمر للمكلفين ثم حصلت الرخصة لذوي الاعذار والاضطرار بالوقت الثاني بعد ذلك كما سيأتي بيانه ان شاء الله ، تعالى ، وبذلك يجمع بين هذه الاخبار وبين الاخبار الدالة على الوقتين بحمل ما دل على الثاني على ذوي الاعذار والاضطرار وتخرج الأخبار المتقدمة شاهدا على ذلك.
قال المحدث الكاشاني في الوافي بعد نقل الأخبار المتقدمة : بيان ـ انما اقتصر في هذه الاخبار على بيان أوائل الأوقات ولم يتعرض لبيان أواخرها لان أواخر الأوقات الأوائل تعرف من أوائل الأوقات الأواخر وأواخر الأواخر كانت معلومة من غيرها ، أو نقول لم يؤت للأوقات الأواخر بتحديد تام لأنها ليست بأوقات حقيقة وانما هي رخص لذوي الأعذار كخارج الأوقات لبعضهم وانما اتى بأوائلها ليتبين بها أواخر الأوائل التي كان بيانها من المهمات وأهمل أواخرها لأنها تضييع للصلاة ، وعلى الثاني لا خفاء في قوله : «ما بينهما وقت» في الحديث الأول وقوله «ما بين هذين الوقتين وقت» في الحديث الأخير ، واما على الأول فلا بد لهما من تأويل بأن يقال يعني بذلك ان ما بينهما وبين نهايتهما وقت ، وبالجملة لا تستقيم هذه الاخبار إلا بتأويل.
وأنت خبير بما فيه فان ما ذكره من الاحتمال بأن أواخر الأواخر كانت معلومة من غيرها ممنوع لان هذه الاخبار دالة على ان ذلك بعد وضع الأوقات للصلوات ومقتضاه انه قبل ذلك الوقت لم يتعين شيء من الأوقات لها فمن اين تكون أواخر الأواخر معلومة يومئذ؟ بل الوجه في معنى الأخبار المذكورة والجمع بينها وبين تلك