فلاعننا لا نفلح أبدا ولا عقبنا من بعدنا فلم يجيبوا إلى المباهلة وعدلوا إلى المصالحة كما سيأتي.
وهذه المباهلة لعلّها من طرق التناصف عند النصارى فدعاهم إليها النبيصلىاللهعليهوسلم لإقامة الحجة عليهم.
وإنما جمع في الملاعنة الأبناء والنساء : لأنه لمّا ظهرت مكابرتهم في الحق وحبّ الدنيا ، علم أنّ من هذه صفته يكون أهله ونساؤه أحبّ إليه من الحق كما قال شعيب «أرهطي أعزّ عليكم من الله» وأنه يخشى سوء العيش ، وفقدان الأهل ، ولا يخشى عذاب الآخرة.
والظاهر أنّ المراد بضمير المتكلم المشارك أنه عائد إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومن معه من المسلمين ، والذين يحضرهم لذلك وأبناء أهل الوفد ونساؤهم اللّائي كنّ معهم.
والنساء : الأزواج لا محالة ، وهو إطلاق معروف عند العرب إذا أضيف لفظ النساء إلى واحد أو جماعة دون ما إذا ورد غير مضاف ، قال تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] وقال : (وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ) وقال النابغة :
حذارا على أن لا تنال مقادتي |
|
ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا |
والأنفس أنفس المتكلمين وأنفس المخاطبين أي وإيانا وإياكم ، وأما الأبناء فيحتمل أنّ المراد شبانهم ، ويحتمل أنه يشمل الصبيان ، والمقصود أن تعود عليهم آثار الملاعنة.
والابتهال افتعال من البهل ، وهو اللعن ، يقال : بهله الله بمعنى لعنه واللعنة بهلة وبهلة ـ بالضم والفتح ـ ثم استعمل الابتهال مجازا مشهورا في مطلق الدعاء قال الأعشى : لا تقعدنّ وقد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهو المراد هنا بدليل أنّه فرّع عليه قوله : (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
وهذه دعوة إنصاف لا يدعو لها إلّا واثق بأنه على الحق. وهذه المباهلة لم تقع لأنّ نصارى نجران لم يستجيبوا إليها. وقد روى أبو نعيم في الدلائل أنّ النبي هيأ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ليصحبهم معه للمباهلة. ولم يذكروا فيه إحضار نسائه ولا إحضار بعض المسلمين.
[٦٢ ، ٦٣] (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ