ما كان شخص أحبّ إلينا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما رأيت يوما أقبح ولا أوحش أوّلا وأحسن آخرا من ذلك اليوم.
وأصل الردّ الصّرف والإرجاع قال تعالى : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [الحج : ٥] وهو هنا مستعار لتغيّر الحال بعد المخالطة فيفيد معنى التصيير كقول الشّاعر ، فيما أنشده أهل اللّغة :
فردّ شعورهنّ السّود بيضا |
|
وردّ وجوههنّ البيض سودا |
و (كافِرِينَ) مفعوله الثّاني ، وقوله (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) تأكيد لما أفاده قوله (يَرُدُّوكُمْ) والقصد من التّصريح به توضيح فوات نعمة عظيمة كانوا فيها لو يكفرون.
وقوله : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) استفهام مستعمل في الاستبعاد استبعادا لكفرهم ونفيا له ، كقول جرير :
كيف الهجاء وما تنفكّ صالحة |
|
من آل لأم بظهر الغيب تأتيني |
وجملة (وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ) حالية ، وهي محطّ الاستبعاد والنّفي لأنّ كلّا من تلاوة آيات الله وإقامة الرّسول ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ فيهم وازع لهم عن الكفر ، وأيّ وازع ، فالآيات هنا هي القرآن ومواعظه.
والظرفية في قوله : (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) حقيقيّة ومؤذنة بمنقبة عظيمة ، ومنّة جليلة ، وهي وجود هذا الرسول العظيم بينهم ، تلك المزيّة الّتي فاز بها أصحابه المخاطبون. وبها ـ يظهر معنى قوله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري : «لا تسبّوا أصحابي فو الّذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» النصيف نصف مدّ.
وفي الآية دلالة على عظم قدر الصّحابة وأنّ لهم وازعين عن مواقعة الضّلال : سماع القرآن ، ومشاهدة أنوار الرّسول ـ عليهالسلام ـ فإنّ وجوده عصمة من ضلالهم. قال قتادة : أمّا الرسول فقد مضى إلى رحمة الله ، وأمّا الكتاب فباق على وجه الدّهر.
وقوله : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي من يتمسّك بالدّين فلا يخش عليه الضّلال. فالاعتصام هنا استعارة للتّمسّك.
وفي هذا إشارة إلى التمسّك بكتاب الله ودينه لسائر المسلمين الّذين لم يشهدوا حياة