جمعت وعيبا غيبة ونميمة |
|
ثلاث خصال لست عنها بمرعوي |
ومنه قول آخر :
لعن الإله وزوجها معها |
|
هند الهنود طويلة الفعل |
ولا يجوز وعيبا جمعت غيبة ونميمة. وأمّا قوله :
عليك ورحمة الله السلام
فممّا قرب مأخذه عن سيبويه ، ولكن الجماعة لم تتلقّ هذا البيت إلّا على اعتقاد التّقديم فيه ، ووافقه المرزوقي على ذلك ، وليس في كلامهما أن تقديم المعطوف في مثل ما حسن تقديمه فيه خاص بالضرورة في الشعر ، فلذلك خرّجنا عليه هذا الوجه في الآية وهو من عطف الجمل ، على أن عطف الجمل أوسع من عطف المفردات لأنّه عطف صوري.
ووقع في «مغني اللبيب» ـ في حرف الواو ـ أنّ تقديم معطوفها على المعطوف عليه ضرورة ، وسبقه إلى ذلك ابن السّيد في شرح أبيات الجمل ، والتفتازانيّ في شرح المفتاح ، كما نقله عنه الدماميني في «تحفة الغريب».
وجعل جمع من المفسّرين ضميري الغيبة في قوله : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ) عائدين إلى طائفة من المشركين ، بلغ المسلمين أنّهم سيمدّون جيش العدوّ يوم بدر ، وهم كرز بن جابر المحاربي ، ومن معه ، فشقّ ذلك على المسلمين وخافوا ، فأنزل الله تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) الآية ، وعليه درج «الكشاف» ومتابعوه. فيكون معاد الضّميرين غير مذكور في الكلام ، ولكنّه معلوم للنّاس الّذين حضروا يوم بدر ، وحينئذ يكون (يَأْتُوكُمْ) معطوفا على الشرط : أي إن صبرتم واتّقيتم وأتاكم كرز وأصحابه يعاونون المشركين عليكم يمددكم ربّكم بأكثر من ألف ومن ثلاثة آلاف بخمسة آلاف ، قالوا فبلغت كرزا وأصحابه هزيمة المشركين يوم بدر فعدل عن إمدادهم فلم يمدّهم الله بالملائكة ، أي بالملائكة الزائدين على الألف. وقيل : لم يمدّهم بملائكة أصلا ، والآثار تشهد بخلاف ذلك.
وذهب بعض المفسّرين الأوّلين : مثل مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والزهري : إلى أن القول المحكي في قوله تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) قول صادر يوم أحد ، قالوا وعدهم الله بالمدد من الملائكة على شرط أن يصبروا ، فلمّا لم يصبروا واستبقوا إلى طلب الغنيمة لم يمددهم الله ولا بملك واحد ، وعلى هذا التفسير يكون (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ)