فجملة (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) عطف على جملة (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) [طه : ٢]. الغرض هو مناسبة العطف كما تقدم قريبا. وهذه القصة تقدّم بعضها في سورة الأعراف وسورة يونس.
والاستفهام مستعمل في التشويق إلى الخبر مجازا وليس مستعملا في حقيقته سواء كانت هذه القصة قد قصت على النبي صلىاللهعليهوسلم من قبل أم كان هذا أول قصصها عليه. وفي قوله : (إِذْ رَأى ناراً) زيادة في التشويق كما يأتي قريبا.
وأوثر حرف (هل) في هذا المقام لما فيه من معنى التحقيق لأن (هل) في الاستفهام مثل (قد) في الإخبار.
والحديث : الخبر ، وهو اسم للكلام الذي يحكى به أمر حدث في الخارج ، ويجمع على أحاديث على غير قياس. قال الفراء : «واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعا للحديث» اه. يعني استغنوا به عن صيغة فعلاء.
و (إِذْ) ظرف للحديث. وقد تقدّم نظائره ، وخص هذا الظرف بالذكر لأنه يزيد تشويقا إلى استعلام كنه الخبر ، لأن رؤية النار تحتمل أحوالا كثيرة.
ورؤية النار تدلّ على أن ذلك كان بليل ، وأنه كان بحاجة إلى النار ؛ ولذلك فرع عليه : (فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) ... إلخ.
والأهل : الزوج والأولاد. وكانوا معه بقرينة الجمع في قوله (امْكُثُوا). وفي سفر الخروج من التّوراة «فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهم على الحمير ورجع إلى أرض مصر».
وقرأ الجمهور بكسر هاء ضمير (لِأَهْلِهِ) على الأصل. وقرأه حمزة وخلف : بضم الهاء ، تبعا لضمة همزة الوصل في (امْكُثُوا).
والإيناس : الإبصار البيّن الذي لا شبهة فيه.
وتأكيد الخبر بإن لقصد الاهتمام به بشارة لأهله إذ كانوا في الظلمة.
والقبس : ما يؤخذ اشتعاله من اشتعال شيء ويقبس ، كالجمرة من مجموع الجمر والفتيلة ونحو ذلك. وهذا يقتضي أنه كان في ظلمة ولم يجد ما يقتدح به. وقيل : اقتدح