طمأنة لفؤاده وشرح لصدره ليعلم أنه سيكون مؤيّدا في سائر أحواله المستقبلة ، كقوله تعالى لمحمد صلىاللهعليهوسلم : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى * وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) [الضحى : ٥ ـ ٨].
وتأكيد الخبر بلام القسم و (قد) لتحقيق الخبر ، لأنّ موسى عليهالسلام قد علم ذلك ، فتحقيق الخبر له تحقيق للازمه المراد منه ، وهو أن عناية الله به دائمة لا تنقطع عنه زيادة في تطمين خاطره بعد قوله تعالى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ) [طه : ٣٦].
والمرّة : فعلة من المرور ، غلبت على معنى الفعلة الواحدة من عمل معيّن يعرف بالإضافة أو بدلالة المقام. وقد تقدمت عند قوله تعالى : (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) في سورة براءة [١٣]. وانتصاب (مَرَّةً) هنا على المفعولية المطلقة لفعل (مَنَنَّا) ، أي مرّة من المنّ. ووصفها بأخرى هنا باعتبار أنها غير هذه المنّة.
و (إِذْ) ظرف للمنّة.
والوحي ، هنا : وحي الإلهام الصادق. وهو إيقاع معنى في النفس ينثلج له نفس الملقى إليه بحيث يجزم بنجاحه فيه وذلك من توفيق الله تعالى. وقد يكون بطريق الرؤيا الصالحة التي يقذف في نفس الرائي أنها صدق.
و (ما يُوحى) موصول مفيد أهمية ما أوحي إليها. ومفيد تأكيد كونه إلهاما من قبل الحق.
و (أَنِ) تفسير لفعل (أَوْحَيْنا) لأنه معنى القول دون حروفه أو تفسير ليوحى.
والقذف : أصله الرمي ، وأطلق هنا على الوضع في التابوت ، تمثيلا لهيئة المخفي عمله ، فهو يسرع وضعه من يده كهيئة من يقذف حجرا ونحوه.
والتابوت : الصندوق. وتقدّم عند قوله تعالى : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) في سورة البقرة [٢٤٨].
واليمّ : البحر ، والمراد به نهر النّيل.
والساحل : الشاطئ ، ولام الأمر في قوله (فَلْيُلْقِهِ) دالة على أمر التكوين ، أي سخرنا اليمّ لأن يلقيه بالساحل ، ولا يبتعد به إلى مكان بعيد ، والمراد ساحل معهود ، وهو