وكذلك قرأ عكرمة وجماعة.
فالمعنى : وما منكم أحد ممن نزع من كلّ شيعة وغيره إلّا وارد جهنّم حتما قضاه الله فلا مبدل لكلماته ، أي فلا تحسبوا أن تنفعكم شفاعتهم أو تمنعكم عزّة شيعكم ، أو تلقون التبعة على سادتكم وعظماء أهل ضلالكم ، أو يكونون فداء عنكم من النّار. وهذا نظير قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ* وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر : ٤٢ ، ٤٣] ، أي الغاوين وغيرهم.
وحرف (إن) للنفي.
والورود : حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء. ويطلق على الوصول مطلقا مجازا شائعا ، وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يعرف إلا أن يكون مجازا غير مشهور فلا بد له من قرينة.
وجملة (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) زيادة في الارتقاء بالوعيد بأنّهم خالدون في العذاب ، فليس ورودهم النّار بموقّت بأجل.
و (ثُمَ) للترتيب الرتبي تنويها بإنجاء الذين اتّقوا وتشويها بحال الذين يبقون في جهنم جثيّا. فالمعنى : وعلاوة على ذلك ننجي الذين اتّقوا من ورود جهنم. وليس المعنى : ثمّ ينجي المتقين من بينهم بل المعنى أنهم نجوا من الورود إلى النّار. وذكر إنجاء المتقين : أي المؤمنين ، إدماج ببشارة المؤمنين في أثناء وعيد المشركين.
وجملة (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) عطف على جملة (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها). والظالمون : المشركون.
والتعبير بالّذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار. والأصل : ونذركم أيها الظالمون.
ونذر : نترك ، وهو مضارع ليس له ماض من لفظه ، أمات العرب ماضي (نذر) استغناء عنه بماضي (ترك) ، كما تقدّم عند قوله تعالى : (ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) في سورة الأنعام [٩١].
فليس الخطاب في قوله (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) لجميع النّاس مؤمنهم وكافرهم على
معنى ابتداء كلام ؛ بحيث يقتضي أن المؤمنين يردون النّار مع الكافرين ثم ينجون من عذابها ، لأنّ هذا معنى ثقيل ينبو عنه السياق ، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات