وعندي أنه إن صح حديث أبي رافع فهو من اشتباه التّلاوة بالنزول ، فلعل النبيصلىاللهعليهوسلم قرأها متذكّرا فظنّها أبو رافع نازلة ساعتئذ ولم يكن سمعها قبل ، أو أطلق النزول على التلاوة. ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة.
وهذه السورة هي الخامسة والأربعون في ترتيب النزول ، نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة. ونزلت قبل إسلام عمر بن الخطاب لما روى الدار قطني عن أنس بن مالك ، وابن إسحاق في «سيرته» عنه قال : «خرج عمر متقلدا بسيف. فقيل له : إن ختنك وأختك قد صبوا ، فأتاهما عمر وعندهما خبّاب بن الأرتّ يقرئهما سورة (طاها) ، فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه؟ فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلّا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ طه. فلما قرأ صدرا منها قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه» إلى آخر القصة. وذكر الفخر عن بعض المفسرين أنّ هذه السورة من أوائل ما نزل بمكّة.
وكان إسلام عمر في سنة خمس من البعثة قبيل الهجرة الأولى إلى الحبشة فتكون هذه السورة قد نزلت في سنة خمس أو أواخر سنة أربع من البعثة.
وعدّت آيها في عدد أهل المدينة ومكة مائة وأربعا وثلاثين ، وفي عدد أهل الشام مائة وأربعين ، وفي عدد أهل البصرة مائة واثنتين وثلاثين. وفي عدد أهل الكوفة مائة وخمسا وثلاثين.
أغراضها :
احتوت من الأغراض على :
ـ التحدي بالقرآن بذكر الحروف المقطعة في مفتتحها.
ـ والتنويه بأنه تنزيل من الله لهدي القابلين للهداية ؛ فأكثرها في هذا الشأن.
ـ والتنويه بعظمة الله تعالى ، وإثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم بأنها تماثل رسالة أعظم رسول قبله شاع ذكره في الناس ، فضرب المثل لنزول القرآن على محمد صلىاللهعليهوسلم بكلام الله موسىعليهالسلام.
ـ وبسط نشأة موسى وتأييد الله إياه ونصره على فرعون بالحجة والمعجزات وبصرف كيد فرعون عنه وعن أتباعه.