خطّ ، بيان ، معان ، مع محاضرة |
|
والاشتقاق لها الآداب أسماء |
وكلّها باحثة عن اللّفظ العربيّ من حيث ضبطه وتفسيره وتصويره وصياغته ـ إفرادا وتركيبا.
والّذي له حقّ التّقدّم من هذه العلوم المذكورة «النّحو» إذ به يعرف صواب الكلام من خطئه ويستعان بواسطته على فهم سائر العلوم [الكامل] :
النّحو يصلح من لسان الألكن |
|
والمرء تكرمه إذا لم يلحن |
وإذا طلبت من العلوم أجلّها |
|
فأجلّها نفعا مقيم الألسن |
وسبب وضع النّحو «مع أنّ النطق بالإعراب سجيّة العرب من غير تكلّف» (١) كما قيل [الطويل] :
ولست بنحويّ يلوك لسانه |
|
ولكن سليقيّ أقول فأعرب |
أنّ العرب لمّا علت كلمتهم بالإسلام ، وانتشرت رايتهم في بلاد فارس والرّوم ، وفتحوا بلادهم ، واختلطوا بهم في المصاهرة والمعاملة والتّجارة والتّعليم ، دخل في لسانهم العربيّ المبين وصمة اللّسان الأعجمي (فخفضوا المرفوع ، ورفعوا المنصوب وما إلى ذلك من كثرة اللّحن الشّنيع) حتى كاد أسلوب النّطق العربيّ يتلاشى لأسباب كثيرة.
أ ـ من ذلك ما نقل عن أبي الأسود الدّؤلي أنّ ابنته رفعت وجهها إلى السّماء ، وتأمّلت بهجة النّجوم وحسنها ، ثم قالت : ما أحسن السّماء على صورة الاستفهام.
فقال لها يا بنيّة «نجومها».
فقالت : «إنّما أردت التّعجّب».
__________________
(١) كانت العرب لعهد الجاهلية تنطق بالسليقة ، وتصوغ ألفاظها بموجب «قانون» تراعيه من أنفسها ، ويتناوله الآخر عن الأوّل ، والصغير عن الكبير من غير أن تحتاج في ذلك إلى وضع قواعد صناعية.
فلما جاء الإسلام واختلطت العرب بالأعاجم عرض لألسنتها اللحن والفساد فاستدعى الحال إلى استنباط مقاييس من كلامهم يرجع إليها في ضبط ألفاظ اللغة ـ وأوّل ما وضع في ذلك علم النحو ، وواضعه أبو الأسود الدّؤلي من بني كنانة ، بأمر الإمام عليّ كرّم الله وجهه.