والحال : لا تجيء عن فاعل (١) أو مفعول ، لفظا ، أو معنى ، نحو : جاء أخوك راكبا ، وشربت الماء صافيا ، وعجبت من ذهاب الأمير ماشيا (٢).
والأصل في الحال أن تكون صفة منتقلة ، نكرة مشتقّة نحو : جاء الصّديق باسما ، وعاد القائد من الحرب ظافرا.
وقد تأتي الحال (صفة ثابتة) لا منتقلة ، نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ودعوت الله سميعا (٣).
وقد تأتي الحال (معرفة) لا نكرة ، وذلك إذا صحّ تأويلها بنكرة ، نحو : جاء أخوك وحده ، أي منفردا.
__________________
(١) إن الحال تجيء عن الفاعل ، أو المفعول ، لفظا كما في المثالين الأولين ؛ أو معنى كما في المثال الثالث ، فإن الأمير فاعل في المعنى وإن كان مضافا إليه في اللفظ. والمفعول الذي تجيء عنه الحال يشمل المفعول به كما في الثمال وغيره من المفاعيل في الأصح ، فيقال : سرت سيري حثيثا ، وصمت الشهر كاملا ، وهربت للخوف مجردا ، وسرت والنيل فائضا ولا فرق بين أن يكون المفعول صريحا كما مرّ ، أو غير صريح ، نحو : انهض بالكريم عاثرا.
(٢) لا تأتي الحال من المضاف إليه إلا إذا كان المضاف عاملا فيه فاعلا أو مفعولا في المعنى ، ويكون ذلك في حالتين : أولاهما أن يكون المضاف مصدرا. نحو : سرّني قدومك سالما ، وأعجبني ضرب اللص مقيدا أو صفة. نحو : زيد منطلق الغلام مسرعا ، وراكب الفرس مسرجا. والثانية : أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه نحو : أمسكت بيدك عاثرا أو كجزء منه نحو : أعجبني كلام الإمام واعظا لأن الحال تكون حينئذ كأنها عن المضاف لشدة الملابسة بينه وبين المضاف إليه فتكون قد جاءت عن الفاعل أو المفعول تقديرا. فإذا لم يكن الأمر كذلك امتنعت المسألة فلا يقال : مررت بغلام هند جالسة لأن المضاف ليس جزءا من المضاف إليه ، ولا كالجزء منه.
(٣) يكون ذلك في ثلاث صور : أولاهما : في الحال التي يدل عاملها على تجدد صاحبها كما في المثال المتقدم. والثانية : في الجامدة التي لا تؤول بمشتق ، نحو : هذا ثوبك ديباجا.
والثالثة : في الحال المؤكدة ، نحو : ولى الجندي مدبرا.
تنبيه : اختلف في بعض المصادر التي وردت منصوبة مما يدلّ على نوع عامله نحو : طلع زيد بغتة ، وجاء ركضا ، فاعتبر بعضهم ما كان مثل ذلك من المصادر مفعولا مطلقا لفعل محذوف ، والتقدير طلع يبغت بغتة ، وجاء يركض ركضا واعتبر بعضهم المصدر حالا مؤولا بالصفة ، والتقدير : طلع باغتا ، وجاء راكضا وكلا الوجهين مقبول.