معلوم ، تامّ ، قابل للتّفاوت (١) وللمفاضلة ، ولا تأتي الصّفة منه على وزن أفعل (٢). وإذا أريد التّعجّب ممّا لم يستوف الشّروط يؤتى بمصدره منصوبا بعد ما أشدّ أو : ما أكثر ونحوهما ، أو مجرورا بالباء الزّائدة بعد : أشدد أو : أكثر ونحوهما نحو : ما أشدّ اجتهاد سليم وأعظم بتقدّم الصّناعات بمصر.
وحكم المتعجّب منه أن يكون معرفة (٣). نحو : ما أحسن الصّدق! أو نكرة مختصّة ، نحو : أكرم برجل يجاهد في خدمة بلاده (٤).
ولا يجوز تقديم معمول فعلي التّعجب عليهما ، ولا يفصل بين فعل التّعجّب والمتعجّب منه إلّا بالظّرف ، أو المجرور بالحرف بشرط أن يتعلّق بفعل التّعجب ، أو النّداء ، نحو : ما أجمل ليلة التّمّ البدر! وما أحسن بالرّجل أن يصدق! وأعزز عليّ أبا
__________________
(١) التفاوت الزيادة والنقصان بخلاف نحو فني ومات فإنهما غير قابلين للتفاوت والمفاضلة ، أي : لا يختلفان ما يتصف بهما بخلاف العدل مثلا فليس في الناس بدرجة واحدة ، بل يتفاوت زيادة ونقصا بين طبقات العالم.
(٢) لا تبنى هاتان الصيغتان من غير الفعل إلا شذوذا كقولهم : ما أرجله فقد بنوه من الرجولية ولا فعل لها. ولا من غير الثلاثي المجرد. وشذ قولهم : ما أعطاه للدراهم! وما أولاه للمعروف! بنوهما من أعطى وأولى ، وقولهم : ما أتقاه! وما أملأ القربة ؛ وما أخصر كلامه! وما أشهره! بنوها من اتقى وامتلأ واختصر واشتهر.
وفي اختصر شذوذ آخر وهو البناء للمجهول.
ولا تبنى هاتان الصيغتان من فعل منفي لئلّا يلتبس المنفي بالمثبت ، ولا من فعل جامد لأنه لا يخرج عن صيغته ، ولا من فعل مجهول خشية التباس الفاعلية بالمفعولية. كما إذا قلت : ما أضرب زيدا تعجبا من مضروبيته. فإنّه يلتبس بكونه من الضاربية ، فإن كان الفعل لم يرد إلا مجهولا ، نحو عني بالأمر جاز التعجب به على الأصل ، فتقول : ما أعناه بأمري ولا يجوز بناؤهما من الأفعال الناقصة لأنه لا يمكن تطرقها إلى نصب المفعول به ، ولا مما لا يقبل المفاضلة نحو : مات إذ لا مزية في الموت لواحد على آخر حتى يتعجب منه ، إلا إن أريد وصف زائد عليه ، نحو : ما أفجع موته! وأفجع بموته! فيصح التعجب من الذي لا يتفاوت معناه ، ولا مما تأتي الصفة المشبهة منه على وزن أفعل ، وشذ قولهم : ما أهوجه! وما أحمقه! وما أرعنه.
(٣) نحو خضر وعرج وحور ، فإن الوصف منها أخضر ، وأعرج ، وأحور.
(٤) فإن كانت نكرة مبهمة لم يصح التعجب منه فلا يقال : ما أحسن رجلا! لعدم الفائدة.
ويجوز حذف المتعجب منه إذا كان الكلام واضحا بدونه نحو : أسمع بهم وأبصر أي وأبصر بهم.