وكأنه استند إلى مثل الخبر الأخير الظاهر في كون اعتبار الولاية لأجل اعتبار كون العمل بدلالة الولي عليه السّلام ، فالشرط في الحقيقة هو الدلالة المذكورة.
وفيه : أنه لا يبعد كون ذكر دلالة الولي عليه السّلام لبيان لزوم الخضوع له والتسليم لقوله ، بحيث لو دلّ على شيء لقبل منه ، كما هو لازم الولاية ، لا لبيان اعتبار كون كل عمل صادرا عن دلالته ، لما هو المعلوم من سيرة الأصحاب من الاكتفاء في العمل بما حصلوه من الكتاب والسنة ولو لم يكن بدلالة ولي العصر عليه السّلام ، وعدم توقف العمل في كل حكم على وصوله منه واستناده له.
كيف ولازم ذلك تعذر الاحتياط مع الشك في الحكم؟! لعدم كون العمل بدلالة ولي الله ، بل برجاء مشروعيته لا غير ، وهو ـ كما ترى ـ مخالف لسيرة العلماء والمتشرعة في الفتوى والعمل.
وكيف كان ، فلا إشعار في النصوص المتقدمة في عدم جواز العمل على طبق الحكم المقطوع به بعد فرض حصول القطع به الذي هو محل الكلام في المقام. كيف وهو من المستحيلات التي يمتنع الحكم بها من الشارع الأقدس.
نعم ، لو فرض تمامية دلالة النصوص المذكورة عليه كان لا بد من حملها على ما سبق في الأمر الأول من الفصل السابق من توجيه تقييد الحكم بالعلم به ببعض الوجوه ، إما بأن يكون العلم المأخوذ في الحكم هو العلم بالحكم الكلي ، الذي هو مؤدى الكبريات الشرعية ، أو يكون العلم شرطا في فعلية الحكم ، أو يكون الجهل مانعا منها ، فان الوجوه المذكورة يمكن فرضها هنا بأن تكون الكبريات الشرعية مشروطة بعدم انحصار طريق الوصول إليها بالطرق العقلية. أو يكون إمكان الوصول للأحكام بالطرق النقلية شرطا في فعليتها ، أو يكون تعذر الوصول إليها بها مانعا من فعليتها ورافعا لها.
ولا مجال لتوهم اشتراط فعلية الأحكام بفعلية العلم بها من الكتاب والسنة ـ لا بمجرد إمكانه ـ فإن لازم ذلك عدم وجوب الفحص عن الأحكام