تنهزم أمام التحديات ، ولا تضعف أمام العقبات ، بل تظلّ في أمل حيّ متفجر بالتفاؤل ، يملأ الإرادة بالحياة ، والحركة بالقوّة والإيمان.
وبذلك تتحول القيم الروحية ، كالصبر ، والأعمال العبادية ، كالصلاة ، إلى قوى فاعلة يستعين بها الإنسان على تقوية نقاط ضعفه ، تماما كما يستعين بالقوى الخارجية عند ما تهجم عليه قوى الأعداء ، بدلا من أن تكون عناصر ضعف وتخدير ، كما يحاول البعض من الناس أن يفسرّها ، أو عناصر تجميد وتأخّر ، كما يحلو للبعض أن يعالجها ، باعتبار أن الصبر يمنع الإنسان من الحركة ويجمّده في نطاق الإذعان للأمر الواقع ، وأن الصلاة تغرق الإنسان في غيبوبة صوفية حالمة يدخل معها الإنسان في غياهب الغيب ، فينسى دوره ومسئوليته في حركة الواقع ، فتتخدر أحاسيسه وتضعف تطلعاته المندفعة نحو الحياة.
إننا نستوحي ذلك كله من إثارة الخطاب في جوّ صفة الإيمان ، للإيحاء بأن المضمون الحيّ العميق للإيمان يحمل للإنسان كل عوامل الوعي والامتداد ، ومن الدعوة إلى الاستعانة بالصبر والصلاة لتأكيد الطبيعة المتحركة للقيم الخلقية وللتعاليم الإلهية العملية في صنع القوّة لحياة الإنسان ، فإن الكثيرين من الناس قد يغفلون عن الطاقات الروحية الكامنة في القيم التي يؤمنون بها وفي الأعمال التي يمارسونها ، فيستسلمون إلى حالات الضعف في الوقت الذي تضج فيه الحياة من حولهم بالقوة ، لو أرادوا أن يستثيروها بذكاء ...
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) الذي هو من عزم الأمور من خلال ما يؤكده في الذات من القوة في الموقف والموقع أمام التحديات والزلازل ، انطلاقا من التحمّل القاسي الذي يفرضه الإنسان على نفسه أمام كل حالات الحرمان الروحي والجسدي ، لذلك كانت له الأهمية الكبرى في القرآن حتى تكرر فيه إلى ما يقارب السبعين موضعا ، وقد أطلق الله ثوابه ، فلم يجعل له