إنسانيتهم في صمود عزيمتهم ، ليتابعوا رسالتهم في الحياة من دون تراجع أو انهيار أو انحراف.
إن الله يمتحن إيمان الإنسان في ما يمرّ عليه من الخسائر والمصائب والمحن ، ليرى كيف يواجه ذلك كله ، أبالصبر أم بالجزع ، أبالرضى أم بالاحتجاج؟ .. وكيف يفهم البلاء الذي ينزل به في مختلف صوره وجهاته ، هل هو عذاب وانتقام ، أم رحمة إلهية في نطاق النظام الكوني الذي يربط المواقف بأضدادها من خلال التحديات الصعبة التي تواجه العاملين السائرين على الخط المستقيم في الحياة؟ فإن للاستقامة ضرائبها الثقيلة في مختلف جوانب الحياة حيث تتحرك قوى الانحراف وعوامله لتقف حاجزا بين الخط المستقيم وبين الامتداد في اتجاه السليم .. وهنا يأتي دور الصبر الذي يمنح الإنسان قوّة الثبات والصمود والتماسك أمام العقبات التي تقف في مجالات التحدي ، فلا ينهار ولا يتخاذل ولا يضيع ولا تتبعثر خطاه في الرمال المتحركة للبلاء ، بل يمتص ذلك كله بروحه الرسالية الإيمانية التي تنفتح على الواقع لتعرف أن الطريق ليس مفروشا بالورود ، فتتعلم كيف تتعامل مع الأشواك الحادّة في لغة الجراح النازفة ، وفي أسلوب الآلام العميقة ، فلا تسمح للجراح بأن تبكي ولا ترضى للآلام بأن تصرخ ، بل تحاول أن تعلمها كيف تبتسم في فرح الرسالة وهي تتقدم على الرغم من كل الأشواك والآلام.
وهكذا أراد الله للمؤمنين الذين ينطلقون في رسالتهم أن يقفوا أمام قوى الكفر والشر والطغيان في العالم من أجل أن يغيّروا العالم على أساس شريعة الله وتعاليمه ، فدعاهم إلى أن لا يواجهوا البلاء الذي يصيبهم بنقص (مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ) مواجهة الأشياء المفصولة المعزولة عن جذورها وأسبابها ، بل يواجهونها من خلال طبيعة حركة التغيير التي تنطلق في حياة الناس لتكون اختبارا لقوتهم الذاتية ولمبادئهم ولمواقفهم العملية عند ما تتعرض