الوعي للواقع ، والتوازن للحركة ، والإرادة للقرار ، (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) الذي يتحدى عنصر الأمن الداخلي في نفوسكم فلا تملكون الطمأنينة الروحية والأمن الخارجي في حياتكم ، فتعيشون الاهتزاز الجسدي في كيانكم والخطر السياسي والاقتصادي والعسكري في نظامكم ، حيث تفقدون أمامه التوازن في المواقف ، والانسجام في الخطى ، والثبات في المواقع ، الأمر الذي قد يدفعكم ـ بفعل ضغط الذين يصنعون الخوف في الواقع ـ إلى تقديم التنازلات من إيمانكم والتزامكم وحريتكم واستقلالكم وإنسانيتكم ، (وَالْجُوعِ) الذي يمثل الحرمان من الغذاء الضروري في الحاجات الطبيعية للإنسان كشرط لاستمرار حياته مما يؤدّي إلى إضعاف قوته وضراوة الآلام في جسده ، ووصوله إلى مرحلة الخطر على حياته ، (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) في الخسائر المتنوعة التي تؤدّي إلى ذهاب الأموال ونقصها بفعل الحوادث الاجتماعية ، والكوارث الطبيعية ، والحروب الشديدة ، (وَالْأَنْفُسِ) من رجالكم ونسائكم وأطفالكم الذين تقتضي عليهم الحروب والأمراض والزلازل والبراكين والفيضانات ونحوها ، (وَالثَّمَراتِ) قيل : إن المراد بها ذهاب حمل الأشجار وقلة النبات وارتفاع البركات ، وقيل : أراد به الأولاد لأن الولد ثمرة القلب ، وعلله بعضهم بأن تأثير الحروب في قلة النسل بموت الرجال والشبان أظهر من تأثيره في نقص ثمرات الأشجار ، ولكن الظاهر من الآية أنها غير مختصة بحالات الحرب ، بل هي عامة لكل واقع البلاء في حياة الإنسان.
وإذا كان الهدف من الآية هو توجيه المؤمنين إلى أن يتحملوا نتائج الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بما يؤدي إلى النتائج السلبية على حياتهم العامة والخاصة ، فإن ذلك لا يعني الاختصاص بهذا الجو الخاص ، بل المقصود هو الصبر في الخط العام للوصول إلى النتائج الإيجابية في الصبر في المورد الخاص. (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) الذين يعيشون صلابة الموقف ، وقوّة التحمل ، والتمرّد على الحرمان والثبات في مواقع الزلازل ، حيث تبقى