بالله عند رجوعه إليه ليلقى عنده الرحمة والمغفرة والثواب الجزيل ، حيث الصلوات التي تمثل الحنوّ والعطف والرأفة ، وحيث الرحمة المنسابة في مشاعر الإنسان وحياته انسياب الضوء في قلب الكون ، وحيث تنطلق الشهادة التي تعبر عن حقيقة إنسانية هي أن الصبر الواعي الذي يعرف قيمة الرسالة والإيمان وما تتطلبه من تضحيات وآلام وما تنتجه من خير وبركات على صاحبها في الدنيا والآخرة ، هو السبيل الحي للهدى كل الهدى الذي يمنح أتباعه ذلك الوسام الرائع (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) الذين عرفوا الطريق من خلال الرسالة ، وذلك هو سبيل الذين يسيرون وعيونهم تحدّق بالشمس المتدفقة بالدفء والحياة والضياء(١).
(الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) من مصائب الحياة في أنفسهم وأموالهم وأوضاعهم ، (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ) فنحن ملك الله من موقع أننا خلقه ، فله أن يتصرف بنا كما يشاء وعلينا أن نتقبل ذلك بكل رضى من دون اعتراض ، وأن نؤمن بأنه ـ في موقع رحمته ـ لا يريد بنا إلا خيرا مما يقربنا إلى المصلحة ويبعدنا عن المفسدة ، (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) فسنصير إلى الله في نهاية المطاف ونتخفف من كل هذه الآلام ، فنجد عنده الخير الكثير الذي نحصل فيه على كل السعادة التي يذوب معها كل حزن وألم مما عشناه في الحياة ، وبذلك لا يبقى لآلام الحياة قيمة في إحساسنا الذاتي ، لأن انتظار لقاء الله في روح رضوانه ونعيم جنته يطرد كل المشاعر الذاتية الخائفة والحزينة والقلقة في أجواء المصائب. وقد جاء عن الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة : «إن قولنا : (إِنَّا لِلَّهِ) إقرار على أنفسنا بالملك ، وقولنا : (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار على أنفسنا بالهلك» (٢).
(أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) والصلاة من الله لعباده ـ على
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٣٤٦.
(٢) نهج البلاغة ، قصار الحكم / ٩٩.