ولا معنى لأن تكون القضية خاضعة لسؤال السائلين وفحص الباحثين ، لأن الناس قد يخضعون لغفلة مطبقة أو لتوجيه سيّئ يبعد التفكير عن مساره الطبيعي بما يثير من قضايا أو يواجه من علامات الاستفهام ، ولهذا فإننا نعتقد أن مسئولية العلماء بالله وبشريعته الإسلامية كبيرة جدا في مجالات التبليغ الإسلامي ، تبعا للحجم الذي يمثلونه في المعرفة العلمية وفي المساحة الإعلامية التي يملكونها في حياة المجتمع ، وفي القوّة الاجتماعية التي يستطيعون أن يستخدموها في مجال الدعوة إلى الله ، ولا سيما في الحالات التي يتعرض فيها الفكر الإسلامي أو الشريعة الإسلامية للخطر من قبل أعداء الله ، فإن الاستسلام للاسترخاء الفكري والعملي الذي يغريهم بالبحث عن المبررات للتقاعس عن الانطلاق ، ولكتمان الحق عمن يحتاجه من الجاهلين والغافلين ، يعتبر خيانة للإسلام وللمسلمين ، ومصداقا لقوله تعالى في هذه الآية ، (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ) وذلك بأن يبعدهم عن رحمته ويطردهم من ساحة رضوانه.
(وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) بالدعاء عليهم بإبعاد الله لهم عن الرحمة ، لأن ذلك هو الذي تقتضيه خيانتهم لأمانة المعرفة الرسالية من خلال ما توحيه من ابتعادهم العملي عن خط المسؤولية ورغبتهم عن مواقع رضوانه ، واستهانتهم بالرسالة التي يريد الله لها الانتشار والشمول في الناس جميعا.
وقد يؤكد ذلك الحديث الشريف المأثور : «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة الله ...» (١). وجاء عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : «قرأت في كتاب علي عليهالسلام : إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال ،
__________________
(١) البحار ، م : ١٨ ، ج : ٥٤ ، ص : ١٣٨ ، باب : ١ ، رواية : ١٨٨.