المتنوّعة والأساليب المتضادّة ، ولا يخضع للانطلاق إلى أجواء بعيدة عن أجوائه الطبيعية المادية ، بل كل ما هناك هو الالتفات الواعي إلى ما حوله من ظواهر الطبيعة ومفردات الحياة التي تحيط به.
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ) التي ترتفع فوقه بكل ما فيها من كواكب ونجوم خاضعة لنظام دقيق محكم رائع ، يدركه الناظر إليه بعفوية في ما يشاهده من نتائجه وظواهره المتصلة بحياته في نظام الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب ، ويعرفه المتأمل الباحث الذي يعرف ما وراء هذه الظواهر من قوانين طبيعية حكيمة تضع كل شيء في موضعه ، وتعطي كل قضية أسبابها ، (وَالْأَرْضِ) التي يعيش الإنسان عليها في ما يتمثل فوقها من أسباب الحياة ، وفي ما يكمن في أعماقها من الطاقات التي تساهم في نموّ الحياة واستمرارها في ما تحشده من شروط الحياة للإنسان في نظام دقيق يعيش الإنسان عظمته من خلال مشاهداته ومعاناته وإحساساته العميقة التي تقتحم عليه كيانه ، لتوحي له بعظمة الخالق الذي يصنع ذلك كله.
(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) في الزيادة والنقصان ، (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) والقوانين التي تحكم مسيرة الفلك في البحر ، وهي التي تحمل ما ينتفع به الناس في معاشهم ، (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ، الماء الذي ينزل من السماء ليرتوي به الإنسان في شرابه ، وترتوي به الأرض من خلال ما يتساقط عليها ، وما يختزن في أعماقها مما تتفجر منه الأنهار والينابيع ، (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) ، والدواب التي بثها الله في الأرض مع اختلاف أنواعها وأدوارها ومنافعها ، (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ، أما تصريف الرياح فهو تحريكها وتفريقها في الجهات بين حارّة وباردة ، وليّنة وعاصفة ، وعميقة ولاقحة ، تبعا للحكمة الإلهية التي تحركها من خلال مصلحة النظام الكوني في حاجات الأرض والإنسان والحيوان والنبات والبحار والأنهار ، أما حركة السحاب المسخّر بين