الكافرين ، فلما ابتلى الله سبحانه إبراهيم بالكلمات فأتمهن ، جعله إماما جزاء له على ذلك» (١) ، هذا ما ذكره صاحب مجمع البيان.
وقد يكون لهذا الحديث صلة بالحديث عن دور النبوّة ، ولا سيّما دور أولي العزم من الأنبياء ، فهل هو مجرد التبليغ أم يمتد إلى دور التنفيذ؟ ربما يخطر بالبال ـ من خلال متابعة الآيات القرآنية ـ أن الدور النبوي في حياة الناس هو التبليغ والتنفيذ معا ، لأن مهمّة النبوّات هي تغيير العالم والإنسان على الصورة التي يريدها الله في مسيرته ونظامه ، ومن الطبيعي في مثل هذا الاتجاه ، أن يكون النبي هو القائد التنفيذي لعملية التغيير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، لأنه الإنسان الوحيد الذي يملك الوعي الكبير المنفتح على تفاصيل عملية التغيير من خلال وعيه للرسالة التي يحملها ويبلغها كأساس للتغيير.
وقد تتضح الصورة أمامنا أكثر إذا تابعنا الآيات القرآنية التي تتحدث عن دور النبوّات في حياة الناس ، وذلك بملاحظة عدة آيات :
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة : ٢١٣].
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد : ٢٥].
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ
__________________
(١) (م. ن) ، ج : ١ ، ص : ٣٨٠.