الطبيعي ، في مثل هذه الحالة ، أن يؤكد القرآن خطورة مثل هذا الواقع على مسيرة الإنسان المسلم في الحياة ، لأنه يغريه بالزيف والنفاق والكذب والخيانة في ما يوحي إليه به من أساليبه الذكية الشيطانية ، ويدفعه إلى الارتباك في مواجهة خط الانحراف لاختلاط الحق والباطل أمامه ، مما يعطل عليه طريق الوصول إلى الهدى الحقّ ، ويجعله يتقلب في أجواء غامضة من الضباب الكثيف. وقد ينطلق التعبير القرآني بهذا الأسلوب ليريد به الشرك وأمثاله من العقائد المضادة للحق مما ثبت بطلانه بالدليل والحجة ليدلل بكلمة : (السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٣] ، أو (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) «ما ليس له به علم» ، أو بكلمة : (قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١١٣] ، التي يصف بها المشركين للإيحاء بأن هؤلاء لا ينطلقون من موقع الحجة والبرهان في ما يعتقدونه من عقيدة ، وفي ما يحملونه من صفات وأخلاق ، كأسلوب من أساليب إثارتهم نحو البحث عن الحقيقة والخروج من أجواء الغفلة ، بالطريقة التي هي أحسن ، حيث لم يعبر عنهم بتعابير توحي بالجحود والإنكار والعناد الذي يربطهم بجو التعصب ويخرجهم عن أجواء التفاهم ويبعدهم عن روحية الحوار.
* * *
الحوار والهدف الرسالي
وهذا هو الأسلوب القرآني الذي يجب أن نتعلمه ، وهو أن نختار الكلمات الخفيفة بدلا من الكلمات الثقيلة في المجالات التي نشعر فيها بالحاجة إلى أن نقود الأفكار المضادة إلى ساحة الحقيقة والحوار ، لأن الهدف الرسالي من الحوار مع الناس هو الوصول إلى عقلهم بالطريقة التي يدخل فيها