يتبعون من نهج في الحياة ، من موقع القناعة الفكرية المرتكزة على أساس البحث والتأمل والتفكير ، بل يتحركون من عاطفة ساذجة وعصبية ذاتية تدفع الإنسان إلى تقديس الماضي الذي ينتسب إليه في عاداته وتقاليده وأفكاره ومقدّساته ، مما يجعل من ذلك أساسا للقناعة الفكرية والسلوك العملي في ما يتفق معه ، وللرفض الفكري والعملي في ما يختلف عنه ، بالمستوى الذي لا يقبل فيه الدخول في أيّ حوار أو نقاش حول تلك القضايا ، كما لو كانت من البديهيات والمسلّمات الفكرية.
وقد كان هذا المنهج في طبيعة سلوك الشخصية سببا من أسباب التعقيد الذي يواجه أصحاب الرسالات من الأنبياء ومن السائرين في خطهم في الدعوة إلى الله ، لأنه يغلق على الإنسان نوافذ التفكير ، ويحوّله إلى إنسان منغلق على ذاته ، بعيد عن التفاعل مع الآخرين في ما يثيرونه من قضايا ويدعون إليه من أفكار ومبادئ ، ويدفع المجتمع إلى أن يبقى مشدودا إلى عجلة الماضي من دون أن يفكر في الانطلاق إلى المستقبل بأجنحته الطائرة إلى العلاء ، مما يجعله يبتعد عن تطوير حياته ، وتغيير مسيرته نحو الأفضل في جميع شؤون الحياة ، ويتجمّد في عملية تقديس للأخطاء وللانحرافات الفكرية والعملية باسم الإرث المقدس للآباء والأجداد. وقد حارب القرآن بقوة هذا الاتجاه في مواجهة القضايا والأفكار ، فدعا إلى الانطلاق في الفكر ، وفي العمل ، من قاعدة فكرية ثابتة ترتكز على الحرية الفكرية البعيدة عن الضغوط العاطفية على أساس الدعوة إلى دراسة شخصية هؤلاء الآباء في مستواهم العقلي ، وفي مسيرهم العملي ، ليكتشف الإنسان أن كثيرا من هؤلاء لا يعقلون شيئا ، ولا يهتدون ، لأنهم عاشوا في ظل العقليات الخرافية المشبعة بالخرافات والأساطير ، وانطلقوا في ظل أمّية الحرف والثقافة ، ليخططوا لحياتهم في جميع ألوانها وقضاياها ، فكيف يمكن للإنسان الذي يحترم فكره