يجعل حياته تحت رحمة أفكار هؤلاء ومسيرتهم في الحياة؟
* * *
دعوة القرآن إلى عقلية الموقف من الماضي
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) للكافرين الذين انطلقت الدعوة الإسلامية الرسالية لتفتح عقولهم على الإسلام فكرا وعقيدة ومنهجا للحياة ، (اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) من الآيات التي تخطط لكم منهج المعرفة ، ومنهج الحركة في الحياة ، وشريعة السلوك العملي في أوضاع الإنسان في قضاياه العامة والخاصة ، وحاجاته الأساسية ، ونظرته إلى الواقع ، وتطلعه إلى الأفق الأعلى في الإيمان بالله والالتزام بشرائعه وأحكامه ، واتباع رسله والانفتاح على الإيمان باليوم الآخر ، والقيام بمسؤولية الإنسان في الخلافة عن الله في إدارة الواقع الكوني المتحرك ، وتفجير طاقات الحياة في نفسه ، وفي الأرض التي يسير عليها ، والأجواء التي يعيش في داخلها ، ليكون الإنسان سيد الكون في دوره القيادي من أجل تحقيق إرادة الله في حركته في كل عمره ، (قالُوا) في موقف احتجاج واستنكار للدعوة التي تفصلهم عن الماضي الجاهل المتخلف لتدفعهم إلى الحاضر الواعي المنفتح على تطلعات المستقبل للتقدم والنموّ والازدهار ، ومن موقع إصرار على الواقع الجامد الذي يعيشون في داخله : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من أفكار وعادات وتقاليد ومنهج للعلاقات وللمشاعر والمواقف ، مهما كانت طبيعته وقيمته وصلاحه وفساده ، لأن المسألة هي مسألة الإرث المقدس الذي يأخذ قداسته من قداسة الآباء في وجدان الأبناء ، ويثير القرآن التساؤل أمام هذا الموقف الجامد الذي يفتقد المنطق العقلاني الذي يحترم الإنسان فيه عقله ووجوده ، (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) فليدرسوا المستوى العقلي لهؤلاء الآباء ، وليدرسوا طبيعة