والجواب : إن المنهج القرآني يوجه الناس إلى اعتبار الفكر أساسا للعقيدة بعيدا عن الطرق غير العلمية مما يعتمد على الحدس والتخمين والاحتمال. وعلى ضوء ذلك ، فهو يعتبر الاتجاهات المعتمدة على التقليد في العقيدة انحرافا عن الخط الإسلامي في طريق الوصول إلى الحق ، ولهذا فإن الإسلام لا يعتبر الإنسان معذورا أمام الله إذا قاده هذا الطريق إلى الخطأ في العقيدة ، بينما يرى الإنسان الذي يستفرغ وسعه وجهده في سبيل الوصول إلى الحقيقة معذورا إذا لم يصل إلى الحق كنتيجة للظروف الخارجة عن إرادته ، ولكنه في الوقت نفسه يرحب بالإنسان الذي يلتقي بالحق كنتيجة للطرق التقليدية المشار إليها في السؤال ، كأيّ دين يريد أن يمتد في حياة الناس لتمتد قيمه ومفاهيمه من خلال قناعاتهم الفكرية ، بل ربما نجد أنه يشجّع الكثيرين الذين دخلوا فيه رغبة أو رهبة في عهد الدعوة الإسلامية الأوّل ، لأنه يشعر بأنّ دخولهم في مساره وأجوائه يمنحهم الفرصة للتفكير من جديد ، وللعيش في الواقع الإسلامي الذي يفتح لهم مجالات اكتشافات الإسلام من الداخل بدون أيّ تعقيد أو حواجز نفسية سلبية ، ليتعرفوا من خلال ذلك على خط الحوار في الإسلام في آيات القرآن وحركة الشريعة في الحياة.
وفي ضوء ذلك ، نعرف أن الإسلام لا يشجع التقليد في العقيدة عند ما يشجّع الآخرين على الدخول فيه بدون استدلال برهاني ، بل يعمل على أن يحقق هدفين :
أحدهما : تحطيم الحواجز النفسية التي تفصل النفس عن الانفتاح على الإسلام ، وذلك بإيجاد روح الألفة بين الإنسان وبين الأجواء الدينية في الإسلام ، ليستطيع ـ من خلال ذلك ـ أن يلتقي بالمفاهيم الإسلامية ببساطة خالية من التعقيد.
ثانيهما : التخطيط للتربية الفكرية من الداخل لتعميق العقيدة من موقع الشعور بالحاجة إلى العمق كنتيجة لتعميق الانتماء إليها على أساس من جدية