كيف نفهم حصر المحرّمات في الأربعة؟
وقد يثور أمامنا سؤال : ما معنى هذا الحصر للمحرمات في هذه الآية ، التي تلتقي بالآية الأخرى في سورة الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الانعام : ١٤٥] ، مع أن المحرمات ـ ولا سيما في اللحوم ـ كثيرة جدا ، كما في الكلب والحشرات والسباع ، وغيرها.
والجواب : أن القضية قد تكون واردة في مورد الحصر الإضافي الذي ينظر إلى بعض الأمور التي كان يثيرها أهل الكتاب مما هو حلال في شرع الله ، فيحكمون بتحريمها ، غير مستندين في ذلك إلى حجة صحيحة. فهي واردة في مجال نفي تحريم ما حرّموه وإثبات تحريم هذه الأمور التي كانوا يأكلونها عند قلة الطعام ، كما قيل : فكأنه يقول إن المحرمات هي هذه لا ما حرّموه من اللحوم الطيبة ، وليس المقصود أن هذه المحرمات هي وحدها التي تعلق بها التحريم لا غيرها ، مطلقا ، كما هو الحصر الحقيقي.
فكانت هاتان الآيتان من أجل إيضاح الحق في ما هو حلال وحرام مما أوحى الله به إلى نبيّه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهذا لا ينفي أن تكون هناك محرمات أخرى لم تقع موضوع النزاع والخلاف بينهم ، فلذلك لا مجال للدخول في عملية النفي والإثبات من جهتها.
ولعلّ هذا الجواب أفضل مما ذهب إليه البعض من المفسرين الذين اعتبروا الأسلوب القرآني واردا في مورد العام والخاص ، حيث يأتي المتكلم بلفظ عام مثبت أو منفي ، ثم يتبعه بالتخصيص في دليل آخر ، لأن طبيعة