الإيمان العميق قاعدة الشخصية الإسلامية
وقد لا نحتاج إلى تحليل واسع لنعرف أنّ هذا الإيمان الذي تعتبره الآية أساسا للبرّ الروحي والفكري ، يمثل الامتداد والحركة في الشخصية الإسلامية للإنسان المسلم ، لأن الإيمان بالله يتصل بالشعور العميق بانطلاقة الحياة من قوّة حكيمة رحيمة عادلة تخطط للإنسان حياته كما تخطط للكون قوانينه ، وبذلك يشعر الإنسان بمسؤوليته أمام هذه القوة الخالقة التي تربي له وجوده ، وتنمي له جسده وعقله وروحه ، ويعيش الإحساس بارتباطه الدائم بالله من خلال حاجته المطلقة له في كل شيء ، وتتساقط أمام هذا الإيمان كل مشاعر الانسحاق والضعف والضياع واليأس والفراغ وعدم الانتماء ، لأن مثل هذا الإيمان ، يملأ في حيويته المتحركة ، حياة الإنسان بكل المفاهيم الإيجابية المضادّة لتلك المفاهيم السلبية لما يوحيه من الشعور بأنه يعيش في كون يرعاه خالقه في رحمته وحكمته وقوّته المطلقة ، وينتمي إليه كل ما فيه من مفردات الوجود.
وبذلك نستطيع أن نقرر أن المؤمنين الذين يعيشون المفاهيم السلبية التي تغرق شعورهم بالضياع والفراغ واللاانتماء ، يعيشون في غفلة من إيمانهم ويقعون تحت تأثير أجواء البيئة المنحرفة التي تحتضن هذه المفاهيم. أمّا الإيمان باليوم الآخر ، فيثير في داخله الشعور بالمسؤولية وما يترتب عليها من ثواب أو عقاب ، مما يجعل الإنسان واعيا لحياته بشكل أعمق ، فلا يعتبرها رحلة ساذجة تخضع للمزاج الذاتي وللشهوة الطارئة ، بل يراها خطا مستقيما تحكمه بداية المسؤولية ونهايتها في نتائجها العامة والخاصة.
وفي هذا الجو من الإيمان ينتفي من داخل الشخصية الإسلامية للإنسان