يحدد للناس وظائفهم ومهماتهم ومسئولياتهم في تدبير أمورهم وأمور من حولهم وما حولهم ... (وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) فهي التي تحدد لكلّ منا موقعه منه وقربه إليه ، (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) في إيماننا به وتوحيدنا له وعبادتنا إياه ، وهذا ما يجعلنا في الخطّ المستقيم الذي أرشدنا إليه وهدانا له.
(أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى) لتؤكدوا بذلك شرعية أوضاعكم بانتساب خطكم إلى خطّ إبراهيم ، الذي كان الرمز العظيم للقاعدة الرسالية الممتدة في حركة الرسل والرسالات ، لتحصلوا على غطاء رسالي لانحرافاتكم الفكرية والعملية. (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) ، وقد أخبركم بأن التوراة والإنجيل اللتين تنتمي إليهما اليهودية والنصرانية قد أنزلنا من بعدها ، فكيف يكون انتماؤه إليهما من خلال الصفتين اللتين تلصقونهما به ، وذلك هو قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [آل عمران : ٦٥]. وهذا الاستفهام للتوبيخ لا للحقيقة ، إذ لا معنى لها في الموضوع ، فوزانه وزان قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) [النازعات : ٢٧].
ومعناه كما يقول صاحب مجمع البيان : قل يا محمد لهم : أأنتم أعلم أم الله ، وقد أخبر سبحانه أنهم كانوا على الحنيفية وزعمتم أنهم كانوا هودا أو نصارى فيلزمكم أن تدّعوا أنكم أعلم من الله وهذا غاية الخزي (١).
* * *
كتمان الشهادة ظلم وبهتان
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) مما يعلمه من شؤون الرسل
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٤١٠