قائمة الکتاب
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس
٣١٢
البحث
البحث في شرح الأصول الخمسة
إعدادات
شرح الأصول الخمسة

شرح الأصول الخمسة
المؤلف :عبد الجبّار بن أحمد الهمداني الأسدآبادي
الموضوع :العقائد والكلام
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :567
تحمیل
شبه المخالفين
والقوم يتعلقون في هذا الباب بشبه.
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس
من جملتها ، قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الأعراف : ١٧٩] ووجه تعلقهم به هو أنهم يقولون : إن هذه اللام لام الغرض ولها نظائر كبيرة في اللغة فظاهر الآية يقتضي أنه تعالى خلق كثيرا من الجن والإنس ليعاقبهم في نار جهنم ، ولن يكون كذلك إلا ويريد منهم ما استوجبوا به لعقوبة ، وفي ذلك ما نريده.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أن أول ما في هذا أنه لا يمكنكم الاستدلال بالسمع ، لأن صحة السمع تنبني على كونه تعالى عدلا حكيما ، وأنتم لا تقولون بذلك بل سددتم على أنفسكم طريقة العلم بإثبات الصانع على ما مر فكيف يمكنكم الاحتجاج به؟ ثم نقول : قولكم أن هذه اللام لام الغرض لا يصح ، لأن لام الغرض مما لا يدخل في الأسماء الجامدة وإنما تدخل على المصادر والأفعال المضارعة ، وعلى هذا لا يقال : دخلت بغداد للسماء والأرض كما يقال دخلت بغداد للعلم أو لطلب العلم ، وجهنم اسم جامد ، فكيف تدخله لام الغرض؟
ومتى قالوا : الغرض به المعاقبة بجهنم كان ذلك عدولا عن الظاهر ، وإذا عدلوا عن الظاهر فليسوا بالتأويل أولى منا فنتأوله على وجه يوافق دلالة العقل والسمع ، فنقول : إن هذه اللام لام العاقبة ، ولها نظائر كثيرة في القرآن وفي اللغة ، قال الله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص : ٨] ، ومعلوم أنهم لم يلتقطوه لهذا الوجه بل التقطوه ليكون لهم قرة عين على ما حكى الله تعالى عنهم ذلك بقوله : (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ) [القصص : ٩] وقوله : (رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) [يونس : ٨٨] وعاقبتهم يضلون عن سبيلك وقوله : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) [آل عمران : ١٧٨] أي وعاقبتهم أن يزدادوا إثما قال الشاعر :
له ملك ينادي كل يوم |
|
لدوا للموت وابنوا للخراب |
وقال آخر :
وللموت تغذوا الوالدات سخالها |
|
كما لخراب الدهر تبنى المساكن |