مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكّة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلّا وقد سمعتها ، ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ، ولكنه قال : دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس.
وروى عن أبي مخنف عن رجاله : انّهما كانا التقيا مرارا ثلاثا أو أربعا حسين وعمر بن سعد قال : فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد : أمّا بعد فانّ الله قد أطفأ النائرة ، وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمّة ، هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى ، أو أن نسيره أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لكم رضى وللأمّة صلاح ، قال : فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال : هذا كتاب رجل ناصح لأميره مشفق على قومه ، نعم قد قبلت. قال : فقام إليه شمر بن ذي الجوشن ، فقال : أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك إلى جنبك! والله لئن رحل من بلدك ، ولم يضع يده في يدك ، ليكوننّ أولى بالقوّة والعز ، ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز ، فلا تعطه هذه المنزلة ، فإنّها من الوهن ، ولكن لينزل على حكمك ، هو وأصحابه ، فإن عاقبت فأنت وليّ العقوبة ، وان غفرت كان ذلك لك ، والله لقد بلغني ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدّثان عامّة الليل ، فقال له ابن زياد : نعم ما رأيت ، الرأي رأيك.
ابن زياد يمنع الإمام من الرجوع
قال : ثم ان عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له : اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد ، فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلما ، وان هم أبوا فليقاتلهم ، فإن فعل فاسمع له وأطع ، وان هو أبى فقاتلهم ، فأنت أمير الناس ، وثب عليه فاضرب عنقه ، وابعث إليّ برأسه.
قال : ثم كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد : أمّا بعد فإنّي لم