والحسين ، علي بن أبي طالب ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيّدة النساء ، أنا ابن بضعة الرسول ...
قال : ولم يزل يقول أنا أنا حتّى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة فأمر المؤذّن أن يؤذّن فقطع عليه الكلام وسكت ، فلمّا قال المؤذن : الله أكبر. قال علي بن الحسين : كبّرت كبيرا لا يقاس ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا شيء أكبر من الله ، فلمّا قال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، قال علي : شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ومخّي وعظمي ، فلمّا قال أشهد أن محمّدا رسول الله التفت علي من أعلا المنبر إلى يزيد وقال : يا يزيد! محمّد هذا جدّي أم جدّك؟ فان زعمت أنّه جدّك فقد كذبت ، وان قلت انّه جدّي فلم قتلت عترته؟ قال وفرغ المؤذّن من الاذان والاقامة فتقدّم يزيد وصلّى الظهر (١).
اقامة المأتم في عاصمة الخلافة :
يبدو أن يزيد اضطرّ بعد هذا إلى أن يغيّر سلوكه مع ذراري الرسول (ص) ويرفّه عنهم بعض الشيء ويسمح لهم باقامة المأتم على شهدائهم.
فقد روى ابن أعثم بعد ذكر ما سبق وقال : فلمّا فرغ من صلاته أمر بعلي بن الحسين وأخواته وعمّاته رضوان الله عليهم ففرّغت لهم دار فنزلوها وأقاموا أيّاما يبكون وينوحون على الحسين رضي الله عنه.
قال : وخرج علي بن الحسين ذات يوم ، فجعل يمشي في أسواق دمشق ، فاستقبله المنهال بن عمرو الصحابي فقال له : كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟ قال : أمسينا كبني اسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون
__________________
(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٤٧ ـ ٢٤٩ ، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٦٩ ـ ٧١ ، وقد أوجزنا لفظ الخطبة.