خطبة حفيدة رسول الله (ص) في مجلس الخلافة :
في مثير الاحزان واللهوف بعده (١) : فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب ، فقالت: الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين ، صدق الله سبحانه حيث يقول: (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ). أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض ، وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ؛ انّ بنا على الله هوانا ، وبك عليه كرامة ، وان ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والامور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا ، أنسيت قول الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)؟
«أمن العدل يا ابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك؟ وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهنّ ، وأبديت وجوههنّ ، تحدو بهنّ الاعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد ، والدنيّ والشريف ، ليس معهنّ من حماتهنّ حميّ ولا من رجالهنّ وليّ ، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء ، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن ، والإحن والأضغان ، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم :
لأهلّوا واستهلوا فرحا |
|
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشلّ |
«منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنّة تنكتها
__________________
(١) مثير الأحزان ص ٨٠ ، واللهوف ص ٧٠.