افترى ، فقال له حسين : يا ابن أسعد! رحمك الله انّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا اخوانك الصالحين ، قال : صدقت جعلت فداك ، أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك ، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق باخواننا؟ فقال : رح إلى خير من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى ، فقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك في جنّته ، فقال : آمين آمين ، فاستقدم فقاتل حتّى قتل.
ثمّ استقدم الفتيان الجابريّان يلتفتان إلى الحسين ويقولان : السلام عليك يا ابن رسول الله ، فقال : عليكما السلام ورحمة الله ، فقاتلا حتّى قتلا.
عابس بن أبي شبيب وشوذب :
قال وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر ، فقال : يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال : ما أصنع؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله (ص) حتّى أقتل ، قال : ذلك الظنّ بك أملا ، فتقدّم بين يدي أبي عبد الله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتى أحتسبك أنا ، فانّه لو كان معي الساعة أحد أولى به منّي بك لسرّني أن يتقدّم بين يديّ حتى أحتسبه فانّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما قدرنا عليه ، فانّه لا عمل بعد اليوم ، وانّما هو الحساب قال : فتقدّم فسلّم على الحسين ثمّ مضى فقاتل حتّى قتل ، ثم قال عابس بن أبي شبيب : يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد الله أنّي على هديك