محبّتكم يا بني زياد على آل سفيان ، ثمّ قال : يا غلام أطعمنا ، فقدّمت المائدة فطعما جميعا ، فلمّا أكلا دعا يزيد بالشراب ، فلمّا دارت الكأس التفت يزيد إلى ساقيه وجعل يقول :
اسقني شربة تروّي عظامي |
|
ثمّ مل فاسق مثلها ابن زياد |
موضع العدل والامانة عندي |
|
وعلى ثغر مغنم وجهاد(١) |
فانّ هذا القول من يزيد يناسب عبيد الله وليس أخاه سلما ، ولعلّه أنشد البيتين للاخوين في مجلسين للشرب.
ويؤيد ذلك ما قاله سبط ابن الجوزي في التذكرة فانّه قال : استدعى ابن زياد إليه وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة ، وقرب مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله على نسائه وجعله نديمه ، وسكر ليلة وقال للمغنّي غن ثمّ قال يزيد بديها : اسقني شربة ... (٢)
قال المؤلّف : هكذا كان عطاؤه وحباؤه لقائد جنده ، أمّا عطاؤه للجنود فقد ذكره البلاذري وقال : كتب يزيد إلى ابن زياد : أمّا بعد ، فزد أهل الكوفة أهل السمع والطاعة في أعطياتهم مائة مائة (٣).
عاش قتلة الحسين هكذا في حبور وسرور واستبشار حتّى إذا ظهرت آثار أفعالهم ندموا على ما فعلوا.
ب ـ ندم عصبة الخلافة بعد ظهور نتائج أفعالهم :
قال ابن كثير وغيره واللفظ لابن كثير : لمّا قتل ابن زياد الحسين ومن معه وبعث برءوسهم إلى يزيد ، سرّ بقتلهم أوّلا ، وحسنت بذلك منزلة ابن
__________________
(١) الفتوح لابن أعثم ٥ / ٢٥٤.
(٢) تذكرة خواص الأمة ص ١٦٤.
(٣) أنساب الأشراف ص ٢٢٠.