غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى ، فان رأيت أن تقيم فانّك أعزّ من في الحرم وأمنعه ، فقال : يا أخي : خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم ، فأكون الذي تستباح به حرمة هذا البيت (١).
خروج الإمام الحسين من مكة وممانعة رسل الوالي اياه :
خرج الإمام الحسين من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة (٢) ، فاعترضه رسل الوالي من قبل يزيد عمرو بن سعيد ، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط ، وامتنع الحسين وأصحابه منهم امتناعا قويا ، ومضى ، فنادوه : يا حسين : ألا تتّقي الله! تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الامّة. فتأوّل حسين قول الله عزوجل : (لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٣).
مع عبد الله بن جعفر وكتاب الوالي :
فكتب إليه عبد الله بن جعفر مع ابنيه عون ومحمّد : أمّا بعد ، فإني أسألك بالله لمّا انصرفت حين تنظر في كتابي فانّي مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ، وان هلكت اليوم طفئ نور الأرض ، فإنّك علم المهتدين ، ورجاء المؤمنين ، فلا تعجل بالسير ، فإني في أثر الكتاب والسلام.
وطلب من عمرو بن سعيد أن يكتب له أمانا ويمنّيه البرّ والصلة ويبعث به إليه ، فكتب : أمّا بعد ، فإنّي أسأل الله أن يصرفك عمّا يوبقك ، وان يهديك لما يرشدك ، بلغني أنّك توجهت إلى العراق ، وإنّي أعيذك بالله
__________________
(١) اللهوف ص ٢٤ ـ ٢٥.
(٢) الطبري ٦ / ٢١١.
(٣) الطبري ٦ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، وابن الاثير ٤ / ١٧ ، وابن كثير ٨ / ١٦٦ ، وأنساب الأشراف ص ١٦٤.