عذره وشكر له ، وترحّم على أبيه (١).
بعد وصولهم إلى المدينة :
روى الطبري بسنده عن الحارث بن كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت عليّ : قلت لاختي زينب : يا أخيّة لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا فهل لك أن نصله؟ فقالت : والله ما معنا شيء نصله به إلّا حليّنا قالت لها : فنعطيه حليّنا قالت : فأخذت سواري ودملجي ، وأخذت أختي سوارها ودملجها ، فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه وقلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك ايّانا بالحسن من الفعل. قال : لو كان الّذي صنعت انّما هو للدنيا كان في حليّكنّ ما يرضيني ودونه ، ولكن والله ما فعلته إلّا لله ولقرابتكم من رسول الله (ص)(٢).
السجّاد (ع) يقيم العزاء أربعين سنة :
في اللهوف : روى عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال : انّ زين العابدين (ع) بكى على أبيه أربعين سنة ؛ صائما نهاره ، وقائما ليله ، فإذا حضر الافطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول الله (ص) عطشانا فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّى يبتلّ طعامه من دموعه ، فلم يزل كذلك حتّى لحق باللهعزوجل.
قال : وحدّث مولى له قال : إنّه برز يوما إلى الصحراء فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا أسمع شهيقه ، وأحصيت عليه ألف مرّة يقول : (لا إله إلّا الله حقّا حقّا. لا إله إلّا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلّا الله
__________________
(١) مثير الأحزان ص ٩٠ ـ ٩١ ، واللهوف ٧٦ ـ ٧٧.
(٢) تاريخ الطبري. ط. اوربا ٢ / ٣٧٩.