ينقض غرضه ، وبالالتفات إلى هذا الأصل يظهر لنا وبجلاء انّ المعجزة دليل برهاني على صدق دعوى النبوة.
إنّ مدّعي النبوّة الذي يتحلّى بتاريخ مشرق وسابقة نزيهة ، إذ لم يخطو ـ طوال عمره ـ ولو خطوة واحدة على خلاف الأُصول الأخلاقية والطريق القويم ، فإذا ما قام هكذا إنسان ـ مع كلّ تلك الشروط ـ بأمر خارق للعادة حيّر فيه عقول الناس ، فلا ريب انّه سوف يجذب إليه قطاعات المجتمع بدرجة عالية جدّاً قد تصل إلى مائة بالمائة ولا كلام في ذلك.
وأمّا إذا كان مدّعي النبوة كاذباً ومنحرفاً في تصرفاته وأخلاقه ، فلا شكّ حينئذٍ أنّ الحكمة الإلهية تقتضي ـ ومنذ اللحظات الأُولى ـ عدم منح تلك القدرة والطاقة لمثل هكذا إنسان ، لأنّ ذلك من قبيل نقض الغرض المنافي لحكمة بعث الأنبياء.
فكلّما كان مدّعي النبوة ذا تاريخ مظلم وكانت رسالته المدعاة مناقضة للعقل والفطرة ، فحينئذٍ يكون سلوكه الاجتماعي ومحتوى رسالته شاهدين على كذب مدّعاه ، ولا يمكن له والحال هذه أن يجذب إليه عوام الناس فضلاً عن علمائهم ، لأنّه يحمل شهادة بطلان دعوته معه.
وأمّا إذا كان تاريخ حياته مشرقاً وكانت رسالته ساطعة ونيّرة تنسجم مع العقل والفطرة وبالإضافة إلى هذين الأمرين يمتلك نقطة قوّة أُخرى وهي الإتيان بالمعجزة المحيّرة للعقول ، فحينئذٍ فإن كان صادقاً فهذا يكون سبباً لتأمين غرض الرسالة ، وإن لم يكن صادقاً فلا شكّ انّه ينافي الغرض من البعثة ، وحينئذٍ يجب وبمقتضى الحكمة أن لا يزود هذا الإنسان بتلك القدرة منذ اللحظات الأُولى ، وذلك لأنّ هذه القدرة والقوّة ستكون سبباً لتوجّه الناس نحو