بالمعجزة ، والحكيم لا يمنح المعجزة ـ مطلقاً ـ للإنسان الكاذب ، إذاً نحن بإمكاننا أن نثبت صدق جميع المسائل الشرعية من خلال هذا الطريق ، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون لتلك المسائل والقضايا طريق آخر لإثبات صدقها كالطريق النظري والعلمي.
ولقد أشارت آيات الذكر الحكيم إلى هذا البرهان ، كما أشار سبحانه وتعالى إلى صدق النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله :
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ). (١)
فالآية تحكي لنا حقيقة جليّة ، وهي انّ النبيّ إذا نسب إلى الله شيئاً على خلاف الواقع (كذباً) فانّه وطبقاً لمفاد الآية الكريمة سيتعرض لأشدّ العقوبات التي تصل إلى حدّ قطع الوتين الذي هو كناية عن الموت والقتل ، لما ذا؟ وما هي الميزة التي يمتاز بها النبي عن الآخرين بحيث يتعامل معه الله بهذه الصرامة ، إذ نجد الآلاف من الناس الذين يكذبون على الله سبحانه ولكنّهم لم يتعرضوا لما تعرض له الرسول من التهديد حيث إنّهم يبقون على قيد الحياة لسنين طويلة رغم كذبهم؟
الجواب : هو انّ جميع شروط انجذاب الناس نحو الرسول متوفرة في شخص الرسول فبالإضافة إلى سوابقه اللامعة وتاريخه النيّر انّه يمتلك معجزة خالدة توفر الأرضية اللازمة لانجذاب الناس نحوه ، وفي هذه الصورة لا بدّ أن يكون صادقاً في قوله ، وإلّا فانّ مقتضى الإرادة الحكيمة لله سبحانه سلب هذه القدرة منه لكي لا تكون وسيلة لإضلال الناس وانحرافهم عن جادة الصواب.
__________________
(١). الحاقة : ٤٤ ـ ٤٧.