لَيَفْتِنُونَكَ) ، فبالإمعان في الضمير في كلا الفعلين «كادوا» و «يفتنونك» يتّضح انّ الضمير يرجع إلى المشركين فيكون معنى الآية انّها تخبر عن دنو المشركين من إزلاله وصرفه عمّا أُوحي إليه لا عن دنو النبي وقربه من الزلل والانصراف عمّا أُوحي إليه ، ولا ريب انّ بين المعنيين فرقاً واضحاً.
٣. إنّ قوله سبحانه : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) مركب من جملتين : الأُولى شرطية ، والأُخرى جزائية. أمّا الأُولى فقوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) والأُخرى : (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ) ، وبما أنّ لو لا في الآية امتناعية تدلّ على امتناع الجزاء لوجود التثبيت ، فيكون معنى الآية : لو لا تثبيتنا لقد كدت تركن إليهم ، وهذا يدلّ على عدم تحقّق الركون إليهم لوجود الشرط ، وهو التثبيت من قبل الله سبحانه للنبي الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم.
٤. انّ هذا التثبيت الإلهي في الواقع هو تثبيت في مرحلتي التفكير والعمل معاً ، بمعنى أنّ التثبيت في مجال التطبيق متفرع على التثبيت في مجال التفكير ، إذ لا يستقيم عمل إنسان ما لم يستقم تفكيره ، وهذا يعني أنّ اللطف الإلهي كان بصورة بحيث إنّه أحاط الرسول الأكرم بلطفه سبحانه بدرجة لم يقترب من المشركين ولم يساومهم في خصوص عبادة أوثانهم ، لا في مجال الفكر لدرجة لم يخطر في ذهنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك ، وكذلك في مقام العمل فلم يصدر منه عمل من هذا القبيل.
ولا ريب أنّ هذا التثبيت هو عين العصمة والتسديد الإلهي لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بواسطة روح القدس وغيره.
٥. انّ تثبيته سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الآية لم يكن أمراً مختصّاً بتلك الواقعة الخاصة التي أشارت إليها الآية الكريمة ، بل كان التثبيت والتسديد أمراً