انتخابية أو أوامر تنصيبية ، وحسب التعبير الفلسفي أنّ تلك المقامات من الأُمور «الحقيقية ، والواقعية» لا من الأُمور «الاعتبارية» و «الجعلية».
ثمّ لا بدّ من الالتفات إلى نكتة مهمة وهي : انّ الشيعة حينما يشترطون أن يكون الإمام منصوباً من قبل الله سبحانه فإنّهم يقصدون من ذلك : انّ الإنسان الذي اجتمعت فيه شروط القيادة والإمامة أجمع لا بدّ أن يعرّف من قبل الله سبحانه وتعالى ، وفي الحقيقة يكون التنصيب الإلهي وسيلة لإزاحة الستار وكشف الواقع لا لتعيين ذلك الفرد للخلافة والإمامة ، وذلك لأنّ صاحب هذا المقام غير مردّد في الواقع حتى يحتاج إلى تعيين ، بل انّ المنصب ملازم لصاحبه الذي توفّرت فيه الشروط فيأتي الوحي الإلهي لإزاحة ستار الجهل عن هذه الحقيقة المخفية.
كذلك نشير إلى نكتة أُخرى مهمة وهي أنّ مفاهيم «النصب» و «الانتصاب» وغيرها من أدبيات النظم المستبدة والمتفرعنة حينما تطلق يقفز إلى الذهن مفاهيم أُخرى ملازمة لها كالاستبداد والقهر وسلب الحريات وهضم حقوق الآخرين. وعلى هذا الأساس يكون استعمال مثل تلك المفاهيم في البحوث العقائدية وعلى أساس قاعدة «تداعي المعاني» غير صحيح ، لأنّه يستدعي كلّ تلك المفاهيم السلبية ، ولذلك لا بدّ من البحث هنا لتوضيح أنواع التنصيب.
لا ريب أنّ تنصيب الأفراد غير الكفوئين ليشغلوا مقاعد في مجالس الأعيان أو في المجالس الاستشارية أو البلدية وغيرها من المناصب يؤدّي إلى حرمان الأفراد والشخصيات الكفوءة ولكنّ النصب الإلهي لا يؤدي أبداً إلى تلك النتيجة السلبية ، لأنّه في الواقع كشف لأستار الحقيقة وتعريف الفرد اللائق والكفوء لمقام القيادة والإمامة في جميع شئونها المادية والمعنوية والذي