يستطيع بكفاءة عالية أن يقود البشرية ويأخذ بيدها إلى الكمال المطلوب ويوصلها إلى ساحل الأمان ، وإذا ما فرضنا أنّ هذا التنصيب لم يتحقّق من قبل الله سبحانه وتعالى ، فهذا يعني أنّه سبحانه لم يعرف للأُمّة الفرد اللائق والجدير للقيام بهذه المهمة ، وحينئذٍ لا يمكن للدين أن يكتمل خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الفراغ الذي حصل بسبب رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لقد استطاع عالم الاجتماع ابن خلدون أن يبيّن حقيقة النظريتين الشيعية والسنيّة في خصوص الإمامة ، وبعبارة وجيزة حيث عرف الإمامة عند أهل السنّة بقوله :
«الإمامة ، المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأُمّة ويتعيّن القائم لها بتعيينهم».
ثمّ قال :
«الإمامة لدى الشيعة : ركن الدين وقاعدة الإسلام ، ولا يجوز لنبي إغفاله ولا تفويضه إلى الأُمّة ، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم ويكون معصوماً من الكبائر والصغائر». (١)
وبعبارة أوضح : أنّ الإمامة والقيادة هي استمرار للقيام بوظائف الرسالة ، وأنّ الإمام يتولّى جميع وظائف الرسول. (٢) مع فارق واحد بينهما وهو أنّ الرسول
__________________
(١). مقدمة ابن خلدون : ١٩٦ ، طبع المكتبة التجارية ، مصر.
(٢). وبعبارة أدق : إنّ الإمامة ـ بعد النبوة ـ استمرار لمقام إمامة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث إنّه وبرحيل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم تمّت النبوة والرسالة ولكن مقام إمامته صلىاللهعليهوآلهوسلم استمر بواسطة الأئمّة من بعده ، وإذا ما قد يقال : إنّ «الإمامة» استمرار لوظائف «الرسالة» ، فإنّ في ذلك التعبير نوعاً من المسامحة ، إذ في الحقيقة انّ إمامة الإمام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم استمرار «لإمامة» النبي الأكرم ، وذلك لأنّ النبي يمتلك بالإضافة إلى مقام «النبوّة» و «الرسالة» مقام «الإمامة» كإبراهيم الخليل عليهالسلام.