قالت ، ورجعت إلى الحقّ (١) وأعطيتها الأمان ، فان لم تصدقيني لأملأنّ السيف منك ، فالتفتت إلى عمر ، وقالت : الأمان على الصدق ، فقال لها عليٌّ ( عليه السلام ) : فاصدقي ، قالت : لا والله ، إنها رأت جمالاً وهيئة ، فخافت فساد زوجها ، فسقتها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها ، فافتضّتها باصبعها ، فقال عليٌّ ( عليه السلام ) : الله أكبر ، أنا أوَّل من فرَّق بين الشاهدين (٢) إلاّ دانيال النبي ( عليه السلام ) ، فألزم عليٌّ ( عليه السلام ) المرأة حدّ القاذف ، وألزمهنّ جميعاً العقر ، وجعل عقرها أربعمائة درهم ، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ، ويطلّقها زوجها وزوّجه الجارية ، وساق عنه عليٌّ ( عليه السلام ) ـ ثمَّ ذكر حديث دانيال ـ وأنّه حكم في مثل هذا بتفريق الشهود ، واستقصاء سؤالهم عن جزئيّات القضيّة.
ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم نحوه (٣).
ورواه الصدوق بإسناده عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : اتى عمر بن الخطّاب بجارية ، ثمَّ ذكر نحوه (٤).
أقول : قوله ( عليه السلام ) : أنا أوَّل من فرّق الشهود إلاّ دانيال ، يدلُّ على عدم وجوب التفريق ، وأيضاً لو وجب التفريق وكان كلّياً لانتفت فائدته وبطلت حكمته ، لأنّهم يعلمون أنّهم يفرّقون فيتّفقون على الكذب وعلى تلك الجزئيات.
وكذا القول فيما يأتي من تفريق أهل الدعوى (٥).
__________________
(١) أي الحبس فإنّه حق « منه رحمه الله ».
(٢) في الفقيه : الشهود ( هامش المخطوط ).
(٣) التهذيب ٦ : ٣٠٨ / ٨٥٢.
(٤) الفقيه ٣ : ١٥ / ١١.
(٥) يأتي في الباب الآتي من هذه الأبواب.