وربّما يتمسّك لتعيّن أحد الأوّلين بأنّ مفاد الآية الشريفة بإطلاقها أنّ المكلّف لو لم يجد الماء سواء كان في تمام الوقت أم في أوّله يتيمّم ، فيدلّ على جواز البدار عند عدم الوجدان في أوّل الوقت ، ومن المعلوم أنّه لو كان في فعل الوضوء زيادة مصلحة غير ممكن الاستيفاء لما جاز ذلك ، بل وجب الصبر إلى آخر الوقت.
ولكنّك خبير بأنّه لا إطلاق في الآية حتّى يتمسّك به على جواز البدار ، وذلك لأنّ عدم الوجدان إذ اخذ في مقابل وقت موسّع كوقت الصلاة فلا شكّ أنّه لا يتحقّق إلّا بعدم الوجدان في تمام أجزاء هذا الوقت ، ولا إطلاق به بالنسبة إلى عدم الوجدان في بعضه فقط وإن كان يصدق عليه عدم الوجدان لغة.
ثمّ على تقدير عدم الدليل على الإجزاء يتعيّن الرجوع إلى الأصل وهو هنا البراءة ؛ لأنّ الشكّ في حدوث التكليف بعمل المختار عند حدوث الاختيار بعد العلم بعدمه في حال الاضطرار ، بل يمكن استصحاب عدمه الثابت في تلك الحال بناء على ما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى ، ولا فرق في ذلك بين الإعادة والقضاء.
لا يقال : مقتضى وجوب قضاء ما فات وجوب العمل التام عليه لصدق فوت العمل التام عنه
لأنّا نقول : يعتبر في صدق الفوت اشتمال العمل على المصلحة المقتضية للإيجاب عليه ولم يستوفها المكلّف ، والمفروض احتمال استيفاء المكلّف العاجز تلك المصلحة بإتيان الناقص ومع هذا الاحتمال نشكّ في صدق الفوت الذي هو موضوع ادلّة القضاء.
الموضع الثاني : في أنّ الأحكام الظاهريّة المجعولة للشاكّ في الواقع هل هي مجزية عن الواقع لو انكشف للمكلّف في الوقت أو في خارجه أولا؟ مثلا لو قام على وجوب صلاة الجمعة أمارة وعمل بها المكلّف ثمّ صار في الوقت عالما بخطائها وأنّ الواجب هي الظهر فهل يجب عليه حينئذ الإتيان بالظهر؟ وكذا لو علم بذلك في خارج الوقت أولا؟
الكلام في ذلك مبنيّ على الوجهين في كيفيّة جعل الأمارات والتعبّد بها :
الأوّل وهو المنسوب إلى الشيخ قدسسره أن يكون على وجه السببية وهي أن